الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ }

قوله تعالى: { ما ننسخ من آية }

سبب نزولها: أن اليهود قالت لما نسخت القبلة: إن محمداً يحل لأصحابه إذا شاء، ويحرم عليهم إذا شاء؛ فنزلت هذه الآية.

قال الزجاج: النسخ في اللغة: إبطال شيءٍ وإقامة آخر مقامه، تقول العرب: نسخت الشمس الظل: إذا أذهبته، وحلت محله، وفي المراد بهذا النسخ ثلاثة أقوال.

أحدها: رفع اللفظ والحكم. والثاني: تبديل الآية بغيرها، رويا عن ابن عباس، والأول قول السدي، والثاني قول مقاتل. والثالث: رفع الحكم مع بقاء اللفظ، رواه مجاهد عن أصحاب ابن مسعود، وبه قال أبو العالية، وقرأ ابن عامر: { ما ننسخ } بضم النون، وكسر السين. قال أبو علي: أي: ما نجده منسوخاً كقولك: أحمدت فلاناً، أي: وجدته محموداً، وإنما يجده منسوخاً بنسخه إياه.

قوله تعالى: { أَو ننسها } قرأ ابن كثير وأبو عمرو: { ننسأها } بفتح النون مع الهمزة، والمعنى: نؤخرها. قال أبو زيد: نسأت الإبل عن الحوض، فأنا أنسأها: إذا أخرتها، ومنه: النسيئة في البيع. وفي معنى نؤخرها ثلاثة أقوال. أحدها: نؤخرها عن النسخ فلا ننسخها، قاله الفراء. والثاني: نؤخر إنزالها، فلا ننزلها البتة. والثالث: نؤخرها عن العمل بها بنسخنا إياها، حكاهما أبو علي الفارسي. وقرأ سعد بن أبي وقاص: { تنسها } بتاء مفتوحة ونون. وقرأ سعيد بن المسيب والضحاك: { تنسها } بضم التاء، وقرأ نافع: { أو ننسها } بنونين، الأولى مضمومة، والثانية ساكنة. أراد: أو ننسكها، من النسيان.

قوله تعالى: { نأت بخير منها } قال ابن عباس: بألين منها، وأيسر على الناس.

قوله تعالى: { أو مثلها } أي: في الثواب والمنفعة، فتكون الحكمة في تبديلها بمثلها الاختبار. { ألم تعلم } لفظه لفظ الاستفهام، ومعناه التوقيف والتقرير. والملك في اللغة: تمام القدرة واستحكامها، فالله عز وجل يحكم بما يشاء على عباده، وبغير ما يشاء من أحكام.