الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّيْنَ مِن ذُرِّيَّةِ ءَادَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَٱجْتَبَيْنَآ إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُ ٱلرَّحْمَـٰنِ خَرُّواْ سُجَّداً وَبُكِيّاً } * { فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَٰتِ فَسَوْفَ يَلْقَونَ غَيّاً } * { إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ شَيْئاً } * { جَنَّاتِ عَدْنٍ ٱلَّتِي وَعَدَ ٱلرَّحْمَـٰنُ عِبَادَهُ بِٱلْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً } * { لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلاَّ سَلاَماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً } * { تِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً } * { وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذٰلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً } * { رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَٱعْبُدْهُ وَٱصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً }

قوله تعالى: { أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين } يعني الذين ذكرهم من الأنبياء في هذه السورة { من ذُرِّيَّة آدم } يعني إِدريس { وممن حَمَلْنا مع نوح } يعني إِبراهيم، لأنه من ولد سام بن نوح { ومن ذرية إِبراهيم } يريد: إِسماعيل وإِسحاق ويعقوب { وإِسرائيل } يعني: ومن ذرية إِسرائيل، وهم موسى وهارون وزكريا ويحيى وعيسى.

قوله تعالى: { وممن هَدَينا } أي: هؤلاء كانوا ممن أرشَدْنا، { واجتَبَيْنَا } أي: واصطَفَيْنا.

قوله تعالى: { خرُّوا سُجَّداً } قال الزجاج: «سُجَّداً» حال مقدَّرة، المعنى: خرُّوا مقدِّرين السجود، لأن الإِنسان في حال خروره لا يكون ساجداً، فـ «سُجَّداً» منصوب على الحال، وهو جمع ساجد «وبُكيّاً» معطوف عليه، وهو: جمع باكٍ، فقد بيَّن الله تعالى أن الأنبياء كانوا إِذا سمعوا آيات الله سجدوا وبَكَوْا من خشية الله.

قوله تعالى: { فخلف من بعدهم خَلْفٌ } قد شرحناه في [الأعراف: 169]. وفي المراد بهذا الخَلْف ثلاثة أقوال.

أحدها: أنهم اليهود، رواه الضحاك عن ابن عباس.

والثاني: اليهود والنصارى، قاله السدي.

والثالث: أنهم من هذه الأُمَّة، يأتون عند ذهاب صالحي أُمة محمد صلى الله عليه وسلم يتبارَوْن بالزنا، ينزو بعضهم على بعض في الأزقّة زناة، قاله مجاهد، وقتادة.

قوله تعالى: { أضاعوا الصلاة } وقرأ ابن مسعود، وأبو رزين العقيلي، والحسن البصري: «الصلوات» على الجمع.

وفي المراد باضاعتهم إِياها قولان.

أحدهما: أنهم أخَّروها عن وقتها، قاله ابن مسعود، والنخعي، وعمر بن عبد العزيز، والقاسم بن مخيمرة.

والثاني: تركوها، قاله القرظي، واختاره الزجاج.

قوله تعالى: { واتَّبَعوا الشهوات } قال أبو سليمان الدمشقى: وذلك مثل استماع الغناء، وشرب الخمر، والزنا، واللهو، وما شاكل ذلك مما يقطع عن أداء فرائض الله عز وجل.

قوله تعالى: { فسوف يلقون غيّاً } ليس معنى هذا اللقاء مجرد الرؤية، وإِنما المراد به الاجتماع والملابسة مع الرؤية. وفي المراد بهذا الغيّ ستة أقوال.

أحدها: أنه وادٍ في جهنم، روراه ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبه قال كعب.

والثاني: أنه نهر في جهنم، قاله ابن مسعود.

والثالث: أنه الخسران، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس.

والرابع: أنه العذاب، قاله مجاهد.

والخامس: أنه الشرُّ، قاله ابن زيد، وابن السائب.

والسادس: أن المعنى: فسوف يلقون مجازاة الغي، كقوله:يلقَ أثاماً } [الفرقان: 68] أي: مجازاة الآثام، قاله الزجاج.

قوله تعالى: { إِلا من تاب وآمن } فيه قولان.

أحدهما: تاب من الشرك، وآمن بمحمد صلى الله عليه وسلم، قاله مقاتل.

والثاني: تاب من التقصير في الصلاة، وآمن من اليهود والنصارى.

قوله تعالى: { جناتِ عدن } وقرأ أبو رزين العقيلي، والضحاك، وابن يعمر، وابن أبي عبلة: «جناتُ» برفع التاء. وقرأ الحسن البصري، والشعبي، وابن السميفع: «جنةُ عدن» على التوحيد مع رفع التاء.

السابقالتالي
2 3 4