قوله تعالى: { أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين } يعني الذين ذكرهم من الأنبياء في هذه السورة { من ذُرِّيَّة آدم } يعني إِدريس { وممن حَمَلْنا مع نوح } يعني إِبراهيم، لأنه من ولد سام بن نوح { ومن ذرية إِبراهيم } يريد: إِسماعيل وإِسحاق ويعقوب { وإِسرائيل } يعني: ومن ذرية إِسرائيل، وهم موسى وهارون وزكريا ويحيى وعيسى. قوله تعالى: { وممن هَدَينا } أي: هؤلاء كانوا ممن أرشَدْنا، { واجتَبَيْنَا } أي: واصطَفَيْنا. قوله تعالى: { خرُّوا سُجَّداً } قال الزجاج: «سُجَّداً» حال مقدَّرة، المعنى: خرُّوا مقدِّرين السجود، لأن الإِنسان في حال خروره لا يكون ساجداً، فـ «سُجَّداً» منصوب على الحال، وهو جمع ساجد «وبُكيّاً» معطوف عليه، وهو: جمع باكٍ، فقد بيَّن الله تعالى أن الأنبياء كانوا إِذا سمعوا آيات الله سجدوا وبَكَوْا من خشية الله. قوله تعالى: { فخلف من بعدهم خَلْفٌ } قد شرحناه في [الأعراف: 169]. وفي المراد بهذا الخَلْف ثلاثة أقوال. أحدها: أنهم اليهود، رواه الضحاك عن ابن عباس. والثاني: اليهود والنصارى، قاله السدي. والثالث: أنهم من هذه الأُمَّة، يأتون عند ذهاب صالحي أُمة محمد صلى الله عليه وسلم يتبارَوْن بالزنا، ينزو بعضهم على بعض في الأزقّة زناة، قاله مجاهد، وقتادة. قوله تعالى: { أضاعوا الصلاة } وقرأ ابن مسعود، وأبو رزين العقيلي، والحسن البصري: «الصلوات» على الجمع. وفي المراد باضاعتهم إِياها قولان. أحدهما: أنهم أخَّروها عن وقتها، قاله ابن مسعود، والنخعي، وعمر بن عبد العزيز، والقاسم بن مخيمرة. والثاني: تركوها، قاله القرظي، واختاره الزجاج. قوله تعالى: { واتَّبَعوا الشهوات } قال أبو سليمان الدمشقى: وذلك مثل استماع الغناء، وشرب الخمر، والزنا، واللهو، وما شاكل ذلك مما يقطع عن أداء فرائض الله عز وجل. قوله تعالى: { فسوف يلقون غيّاً } ليس معنى هذا اللقاء مجرد الرؤية، وإِنما المراد به الاجتماع والملابسة مع الرؤية. وفي المراد بهذا الغيّ ستة أقوال. أحدها: أنه وادٍ في جهنم، روراه ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبه قال كعب. والثاني: أنه نهر في جهنم، قاله ابن مسعود. والثالث: أنه الخسران، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. والرابع: أنه العذاب، قاله مجاهد. والخامس: أنه الشرُّ، قاله ابن زيد، وابن السائب. والسادس: أن المعنى: فسوف يلقون مجازاة الغي، كقوله:{ يلقَ أثاماً } [الفرقان: 68] أي: مجازاة الآثام، قاله الزجاج. قوله تعالى: { إِلا من تاب وآمن } فيه قولان. أحدهما: تاب من الشرك، وآمن بمحمد صلى الله عليه وسلم، قاله مقاتل. والثاني: تاب من التقصير في الصلاة، وآمن من اليهود والنصارى. قوله تعالى: { جناتِ عدن } وقرأ أبو رزين العقيلي، والضحاك، وابن يعمر، وابن أبي عبلة: «جناتُ» برفع التاء. وقرأ الحسن البصري، والشعبي، وابن السميفع: «جنةُ عدن» على التوحيد مع رفع التاء.