الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ ذٰلِكَ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ ٱلْحَقِّ ٱلَّذِي فِيهِ يَمْتُرُونَ } * { مَا كَانَ للَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَىٰ أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ } * { وَإِنَّ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَٱعْبُدُوهُ هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ }

قوله تعالى: { ذلك عيسى ابن مريم } قال الزجاج: أي، ذلك الذي قال: إِني عبد الله، هو ابن مريم، لا ما تقول النصارى: إِنه ابن الله، وإِنه إِله.

قوله تعالى: { قولَ الحق } قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، ونافع، وحمزة، والكسائي: «قولُ الحق» برفع اللام. وقرأ عاصم، وابن عامر، ويعقوب: بنصب اللام. قال الزجاج: من رفع «قولُ الحق» فالمعنى: هو قولُ الحق، يعني هذا الكلام؛ ومن نصب، فالمعنى: أقول قول الحقّ. وذكر ابن الأنباري في الآية وجهين.

أحدهما: أنه لما وُصف بالكلمة جاز أن يُنعت بالقول.

والثاني: أن في الكلام إِضماراً، تقديره: ذلك نبأُ عيسى، ذلك النبأ قول الحق.

قوله تعالى: { الذي فيه يمترون } أي: يشكُّون. قال قتادة: امترت اليهود فيه والنصارى، فزعم اليهود أنه ساحر، وزعم النصارى أنه ابن الله وثالث ثلاثة. قرأ أبو مجلز، ومعاذ القارىء، وابن يعمر، وأبو رجاء: «تمترون» بالتاء.

قوله تعالى: { ما كان لِلهِ أن يتَّخِذ مِن ولد } قال الزجاج: المعنى: أن يتخذ ولداً. و«مِنْ» مؤكِّدة تدل على نفي الواحد والجماعة، لأن للقائل أن يقول: ما اتخذت فرساً، يريد: اتخذت أكثر من ذلك، وله أن يقول: ما اتخذت فرسين ولا أكثر، يريد: اتخذت فرساً واحداً؛ فإذا قال: ما اتخذت من فرس، فقد دلَّ على نفي الواحد والجميع.

قوله تعالى: { كن فيكون } وقرأ أبو عمران الجوني، وابن أبي عبلة: «فيكونَ» بالنصب، وقد ذكرنا وجهه في [البقرة 117].

قوله تعالى: { وإِنّ الله ربِّي وربُّكم } قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو: «وأنّ الله» بنصب الألف. وقرأ عاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: «وإِن الله» بكسر الألف. وهذا من قول عيسى؛ فمن فتح، عطفه على قوله: { وأوصاني بالصَّلاة والزَّكاة } وبأن الله ربّي؛ ومن كسر، ففيه وجهان.

أحدهما: أن يكون معطوفاً على قوله: { إِنِّي عبد الله }.

والثاني: أن يكون مستأنفاً.