قوله تعالى: { ويسألونك عن ذي القرنين } قد ذكرنا سبب نزولها عند قوله تعالى:{ ويسألونك عن الروح } [الإسراء: 85]. واختلفوا في اسم ذي القرنين على أربعة أقوال. أحدها: عبد الله، قاله علي عليه السلام، وروي عن ابن عباس أنه عبد الله بن الضحاك. والثاني: الاسكندر، قاله وهب. والثالث: عيِّاش، قاله محمد بن علي بن الحسين. والرابع: الصعب بن جابر بن القلمس، ذكره ابن أبي خيثمة. وفي علَّة تسميته بذي القرنين عشرة أقوال. أحدها: أنه دعا قومه إِلى الله تعالى، فضربوه على قرنه فهلك، فغبر زماناً، ثم بعثه الله، فدعاهم إِلى الله فضربوه على قرنه الآخر فهلك، فذانك قرناه، قاله علي عليه السلام. والثاني: أنه سمي بذي القرنين، لأنه سار إِلى مغرب الشمس وإِلى مطلعها، رواه أبو صالح عن ابن عباس. والثالث: لأن صفحتي رأسه كانتا من نحاس. والرابع: لأنه رأى في المنام كأنه امتد من السماء إِلى الأرض وأخذ بقرني الشمس، فقصَّ ذلك على قومه، فسمِّي بذي القرنين. والخامس: لأنه مَلَك الروم وفارس. والسادس: لأنه كان في رأسه شبه القرنين، رويت هذه الأقوال الأربعة عن وهب بن منبِّه. والسابع: لأنه كانت له غديرتان من شعر، قاله الحسن. قال ابن الأنباري: والعرب تسمي الضفيرتين من الشعر غديرتين، وجميرتين، وقرنين؛ قال: ومن قال: سمي بذلك لأنه ملك فارس والروم، قال: لأنهما عاليان على جانبين من الأرض يقال لهما: قرنان. والثامن: لأنه كان كريم الطرفين من أهل بيت ذوي شرف. والتاسع: لأنه انقرض في زمانه قرنان من الناس، وهو حيّ. والعاشر: لأنه سلك الظلمة والنور، ذكر هذه الأقوال الثلاثة أبو إِسحاق الثعلبي. واختلفوا هل كان نبيّاً، أم لا؟ على قولين. أحدهما: أنه كان نبيّاً، قاله عبد الله بن عمرو، والضحاك بن مزاحم. والثاني: أنه كان عبداً صالحاً، ولم يكن نبيّاً، ولا مَلكاً، قاله علي عليه السلام. وقال وهب: كان ملكاً، ولم يوح إِليه. وفي زمان كونه ثلاثة أقوال. أحدها: أنه من القرون الأُوَل من ولد يافث بن نوح، قاله علي عليه السلام. والثاني: أنه كان بعد ثمود، قاله الحسن. ويقال: كان عمره ألفاً وستمائة سنة. والثالث: [أنه] كان في الفترة بين عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم، قاله وهب. قوله تعالى: { سأتلوا عليكم منه ذِكْراً } أي: خبراً يتضمن ذِكْره. { إِنا مكَّنَّا له في الأرض } أي: سهَّلْنا عليه السَّير فيها. قال علي عليه السلام: إِنه أطاع الله، فسخَّر له السحاب فحمله عليه، ومَدَّ له في الأسباب، وبسط له النُّور، فكان الليل والنهار عليه سواء. وقال مجاهد: مَلَك الأرضَ أربعةٌ: مؤمنان، وكافران؛ فالمؤمنان: سليمان بن دواد، وذو القرنين؛ والكافران: النمرود، وبختنصر.