الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ فَإِنِ ٱتَّبَعْتَنِي فَلاَ تَسْأَلْني عَن شَيءٍ حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً } * { فَٱنْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي ٱلسَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً } * { قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً } * { قَالَ لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلاَ تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً } * { فَٱنْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا لَقِيَا غُلاَماً فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً } * { قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً } * { قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلاَ تُصَٰحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْراً } * { فَٱنطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَآ أَتَيَآ أَهْلَ قَرْيَةٍ ٱسْتَطْعَمَآ أَهْلَهَا فَأَبَوْاْ أَن يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَاراً يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً } * { قَالَ هَـٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْراً }

قوله تعالى: { فلا تسألني } قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، وحمزة، والكسائي: «فلا تسألْني» ساكنة اللام. وقرأ نافع: «فلا تسأَلَنِّي» مفتوحة اللام مشددة النون. وقرأ ابن عامر في رواية الداجوني: «فلا تسألَنِّ عن شيء» بتحريك اللام من غير ياء، والنون مكسورة. والمعنى: لا تسألني عن شيء مما أفعله { حتى أحدث لك منه ذِكْراً } أي: حتى أكون أنا الذي أُبيِّنه لك، لأن عِلْمه قد غاب عنك.

قوله تعالى: { خرقها } أي: شقَّها. قال المفسرون: قلع منها لوحاً، وقيل: لوحين مما يلي الماء، فحشاها موسى بثوبه وأنكر عليه ما فعل بقوله: { أخرقتَها لتُغرق أهلَها } قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وعاصم، وابن عامر: «لتُغرِق» بالتاء «أهلَها» بالنصب. وقرأ حمزة والكسائي: «ليَغرَق» بالياء «أهلُها» برفع اللام. { لقد جئتَ شيئاً إِمراً } وفيه ثلاثة أقوال.

أحدها: منكراً، قاله مجاهد. وقال الزجاج: عظيماً من المنكر.

والثاني: عجباً، قاله قتادة، وابن قتيبة.

والثالث: داهية، قاله أبو عبيدة.

قوله تعالى: { لا تؤاخذني بما نسيتُ } في هذا النسيان ثلاثة أقوال.

أحدها: أنه على حقيقته، وأنه نسي، روى ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " أن الأولى كانت نسياناً من موسى» ". والثاني: أنه لم ينس، ولكنه من معاريض الكلام، قاله أُبيّ بن كعب، وابن عباس.

والثالث: أنه بمعنى التَّرك، فالمعنى: لا تؤاخذني بما تركته مما عاهدتك عليه، ذكره ابن الأنباري.

قوله تعالى: { ولا تُرهقني } قال الفراء: لا تُعجلني. وقال أبو عبيدة، وابن قتيبة، والزجاج: لا تُغْشِني. قال أبو زيد: يقال: أرهقتُه عسراً: إِذا كلفتَه ذلك. قال الزجاج: والمعنى: عاملني باليُسْرِ، لا بالعُسْرِ. قوله تعالى: { فانطلقَا } يعني: موسى والخضر. قال الماوردي: يحتمل أن يوشع تأخر عنهما، لأن الإِخبار عن اثنين، ويحتمل أن يكون معهما ولم يذكر لأنه تَبَعٌ لموسى، فاقتصر على حكم المتبوع.

قوله تعالى: { حتى إِذا لقيا غلاماً } اختلفوا في هذا الغلام هل كان بالغاً، أم لا؟ على قولين.

أحدهما: أنه لم يكن بالغاً، قاله ابن عباس، ومجاهد، والأكثرون.

والثاني: أنه كان شابّاً قد قبض على لحيته، حكاه الماوردي عن ابن عباس أيضاً، واحتج بأن غير البالغ لم يَجْرِ عليه قلم، فلم يستحق القتل. وقد يُسمَّى الرجلُ غلاماً، قالت ليلى الأخيلية تمدح الحجاج:
[شَفَاها من الدَّاءِ العُضَالِ الذي بها]   غُلامٌ إِذا هزّ القناةَ سقاها
وفي صفة قتله له ثلاثة أقوال.

أحدها: أنه اقتلع رأسه، وقد ذكرناه في حديث أُبَيٍّ.

والثاني: كسر عنقه، قاله ابن عباس.

والثالث: أضجعة وذبحه بالسكين، قاله سعيد بن جبير.

قوله تعالى: { أقتلت نفساً زاكية } قرأ الكوفيون، وابن عامر: «زكيَّة» بغير ألف، والياء مشددة.

السابقالتالي
2 3 4