الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِٱلَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً } * { لَّٰكِنَّاْ هُوَ ٱللَّهُ رَبِّي وَلاَ أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً } * { وَلَوْلاۤ إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَآءَ ٱللَّهُ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِٱللَّهِ إِن تَرَنِ أَنَاْ أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً } * { فعسَىٰ رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً } * { أَوْ يُصْبِحَ مَآؤُهَا غَوْراً فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً }

قوله تعالى: { قال له صاحبه } يعني: المؤمن { وهو يحاوره أكفرتَ بالذي خلقك من تراب } يعني: خلق أباك آدم { ثم من نطفة } يعني: ما أنشىء هو منه، فلما شَكَّ في البعث كان كافراً.

قوله تعالى: { لكنَّا هو الله ربِّي } قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وقالون عن نافع: «لكنَّ هو الله ربِّي»، باسقاط الألف في الوصل، وإِثباتها في الوقف. وقرأ نافع في رواية المُسَيّبي بإثبات الألف وصلاً ووقفاً. وأثبت الألف ابن عامر في الحالين. وقرأ أبو رجاء: «لكنْ» بإسكان النون خفيفة من غير ألف في الحالين. وقرأ ابن يعمر: «لكنَّ» بتشديد النون من غير ألف في الحالين. وقرأ الحسن: «لكنْ أنا هو اللهُ ربِّي» باسكان نون «لكنْ» وإِثبات «أنا». قال الفراء: فيها ثلاث لغات: لكنّا، ولكنّ، ولكنَّه بالهاء، أنشدني أبو ثروان:
وترْمينني بالطَّرْف أي أنت مذنب   وتَقْلِيَننِي لكنّ إِيّاكِ لاَ أَقْلِي
وقال أبو عبيدة: مجازه: لكن أنا هو الله ربي، ثم حُذفت الألف الأولى، وأُدغمت إِحدى النونين في الأخرى فشدِّدت. قال الزجاج: وهذه الألفُ تُحذف في الوصل، وتُثبت في الوقف، فأما من أثبتها في الوصل كما تثبت في الوقف، فهو على لغة من يقول: أنا قمتُ، فأثبت الألف، قال الشاعر:
أنا سَيْفُ العَشِيرَة فاعْرِفُونِي   [حُمَيداً قد تَذَرَّيْتُ السَّناما]
وهذه القراءة جيدة، لأن الهمزة قد حذفت من «أنا»، فصار إِثبات الألف عوضاً من الهمزة.

قوله تعالى: { ولولا إِذ دخلتَ جنتك } أي: وهلاّ؛ ومعنى الكلام التوبيخ. قال الفراء: { ما شاء الله } في موضع رفع، إِن شئت رفعته بإضمار هو، يريد: [هو] ما شاء الله؛ وإن شئتَ أضمرتَ فيه: ما شاء الله كان؛ وجاز طرح جواب الجزاء، كما جاز في قوله:فإن استطعت أن تبتغيَ نفقاً في الأرض } [الانعام: 35]، ليس له جواب، لأنه معروف. قال الزجاج: وقوله: { لا قوَّة إِلا بالله } الاختيار النصب بغير تنوين على النفي، كقوله:لا ريب فيها } [الكهف: 21]، ويجوز: «لا قوة إِلا بالله» على الرفع بالابتداء، والخبر «بالله»، المعنى: لا يقوى أحد في بدنه ولا في ملك يده إِلا بالله تعالى، ولا يكون له إِلا ما شاء الله.

قوله تعالى: { إِن ترنِ } قرأ ابن كثير: «إِن ترني أنا» و«يؤتيني خيراً» بياء في الوصل والوقف. وقرأ نافع، وأبو عمرو بياءٍ في الوصل. وقرأ ابن عامر، وعاصم، وحمزة، بحذف الياء فيهما وصلاً ووقفاً. { أنا أقَلَّ } وقرأ ابن أبي عبلة: «أنا أقَلُّ» برفع اللام. قال الفراء: «أنا» هاهنا عماد إِن نصبتَ «أقلَّ»، واسم إِذا رفعت «أقلُّ»، والقراءة بهما جائز.

قوله تعالى: { فعسى ربِّي أن يؤتيَني خيراً من جنتك } أي: في الآخرة، { ويرسلَ عليها حسباناً } وفيه أربعة أقوال.

السابقالتالي
2