الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى ٱلإنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ كَانَ يَئُوساً } * { قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَىٰ سَبِيلاً }

قوله تعالى: { وإِذا أنعمنا على الإِنسان } قال ابن عباس: الإِنسان هاهنا: الكافر، والمراد به: الوليد بن المغيرة. قال المفسرون: وهذا الإِنعام: سَعة الرزق، وكشف البلاء. { ونأى بجانبه } قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وحفص عن عاصم: «ونأى» على وزن «نعى» بفتح النون والهمزة. وقرأ ابن عامر: «ناء» مثل «باع». وقرأ الكسائي، وخلف عن سليم عن حمزة: «وناء» بامالة النون والهمزة. وروى خلاَّد عن سليم: «نئي» بفتح النون، وكسر الهمزة؛ والمعنى: تباعد عن القيام بحقوق النِّعم، وقيل: تعظَّم وتكبَّر. { وإِذا مسَّه الشرُّ } أي: نزل به البلاء والفقر { كان يَؤوساً } أي: قَنوطاً شديد اليأس، لا يرجو فضل الله.

قوله تعالى: { قل كلٌّ يعمل على شاكلته } فيها ثلاثة أقوال.

أحدها: على ناحيته، قاله ابن عباس، وسعيد بن جبير. قال الفراء: الشاكلة: الناحية، والجديلة، والطريقة، سمعت بعض العرب يقول: وعبد الملك إِذ ذاك على جديلته، وابن الزبير على جديلته، يريد: على ناحيته. وقال أبو عبيدة: على ناحيته وخليقته. وقال ابن قتيبة: على خليقته وطبيعته، وهو من الشكل. يقال: لستَ على شكلي، ولا شاكلتي وقال الزجاج: على طريقته، وعلى مذهبه.

والثاني: على نِيَّته؛ قاله الحسن، ومعاوية بن قُرَّة. وقال الليث: الشاكلة من الأمور: ما وافق فاعله.

والثالث: على دينه، قاله ابن زيد. وتحرير المعنى: أن كل واحد يعمل على طريقته التي تشاكل أخلاقه، فالكافر يعمل ما يشبه طريقته من الإِعراض عند النِّعم واليأس عند الشدة، والمؤمن يعمل ما يشبه طريقته من الشكر عند الرخاء والصبر عند البلاء، والله يجازي الفريقين. وذكر أبو صالح عن ابن عباس: أن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى:فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم } [التوبة: 5]، وليس بشيء.