الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّا كَفَيْنَاكَ ٱلْمُسْتَهْزِئِينَ } * { ٱلَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلـٰهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } * { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ } * { فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِّنَ ٱلسَّاجِدِينَ } * { وَٱعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ ٱلْيَقِينُ }

قوله تعالى: { إِنا كفيناك المستهزئين } المعنى: فاصدع بأمري كما كفيتك المستهزئين، وهم قوم كانوا يستهزئون به وبالقرآن. وفي عددهم قولان:

أحدهما: أنهم كانوا خمسة: الوليد بن المغيرة، وأبو زمعة، والأسود بن عبد يغوث، والعاص بن وائل، والحارث بن قيس، قاله ابن عباس. واسم أبي زمعة: الأسود بن المطلب. وكذلك ذكرهم سعيد بن جبير، إِلا أنه قال مكان الحارث بن قيس: الحارث بن غيطلة، قال الزهري: غيطلة أمه، وقيس أبوه، فهو واحد. وإِنما ذكرتُ ذلك، لئلا يُظَن أنه غيره. وقد ذكرتُ في كتاب «التلقيح» من يُنْسَب إِلى أمه من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وسميت آباءهم ليُعرَفوا إِلى أي الأبوين نُسبوا. وفي رواية عن ابن عباس مكان الحارث ابن قيس: عدي بن قيس.

والثاني: أنهم كانوا سبعة، قاله الشعبي، وابن أبي بزة، وعدَّهم ابن أبي بَزَّة، فقال: العاص بن وائل، والوليد بن المغيرة، والحارث بن عدي، والأسود ابن المطلب، والأسود بن عبد يغوث، وأصرم وبعكك ابنا عبد الحارث بن السبّاق.

وكذلك عدَّهم مقاتل، إِلا أنه قال مكان الحارث بن عدي: الحارث بن قيس السهميّ، وقال: أصرم وبعكك ابنا الحجاج بن السبَّاق.

ذِكر ما أهلكهم الله به وكفى رسولَه صلى الله عليه وسلم أمرهم

قال المفسرون: أتى جبريلُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، والمستهزئون يطوفون بالبيت، فمر الوليد بن المغيرة، فقال جبريل: يا محمد، كيف تجد هذا؟ فقال: «بئس عبد الله» قال: قد كفيت، وأومأ إِلى ساق الوليد، فمر الوليد برجُل يَريش نبلاً له، فتعلقت شظية من نبل بإزاره، فمنعه الكِبْرُ أن يطامن لينزعها، وجعلت تضرب ساقه، فمرض ومات. وقيل: تعلَّق سهم بثوبه فأصاب أكحله فقطعه، فمات. ومر العاص بن وائل، فقال جبريل: كيف تجد هذا يا محمد؟ فقال: «بئس عبد الله» فأشار إِلى أخمص رجله، وقال: قد كُفيتَ، فدخلت شوكة في أخمصه، فانتفخت رجله ومات. ومر الأسود بن المطلب، فقال: كيف تجد هذا؟ قال: «عبد سوء»، فأشار بيده إِلى عينيه، فعمي وهلك. وقيل: جعل ينطح برأسه الشجر ويضرب وجهه بالشوك، فاستغاث بغلامه، فقال: لا أرى أحداً يصنع بك هذا غير نفسك، فمات وهو يقول: قتلني ربُّ محمد. ومر الأسود بن عبد يغوث، فقال جبريل: كيف تجد هذا؟ فقال: «بئس عبد الله»، فقال: قد كُفيت، وأشار إِلى بطنه، فسَقَى بطنُه، فمات. وقيل: أصاب عينه شوك، فسالت حدقتاه. وقيل: خرج عن أهله فأصابه السَّموم، فاسودَّ حتى عاد حبشياً، فلما أتى أهله لم يعرفوه، فأغلقوا دونه الأبواب حتى مات. ومر به الحارث بن قيس، فقال: كيف تجد هذا؟ قال: «عبدَ سوء» فأومأ إِلى رأسه، وقال: قد كُفيت، فانتفخ رأسه فمات، وقيل: أصابه العطش، فلم يزل يشرب الماء حتى انقدَّ بطنُه.

السابقالتالي
2