قوله تعالى: { لعمرك } فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أن معناه: وحياتك يا محمد، رواه أبو الجوزاء عن ابن عباس. والثاني: لَعَيْشُك، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال الأخفش، وهو يرجع إِلى معنى الأول. والثالث: أن معناه: وحقّك على أمتك، تقول العرب: لَعَمْرُ الله لا أقوم، يعنون: وحَق الله، ذكره ابن الأنباري. قال: وفي العَمْرِ ثلاث لغات. عَمْرٌ وعُمْرٌ و عُمُرٌ، وهو عند العرب: البقاء. وحكى الزجاج أن الخليل وسيبويه وجميع أهل اللغة قالوا: العَمْرُ والعُمْرُ في معنى واحد، فإذا استُعمل في القسَم، فُتح لا غير، وإِنما آثروا الفتح في القسَم، لأن الفتح أخف عليهم، وهم يؤكدون القسَم بـ «لعَمري» و «لعَمّرك»، فلما كثر استعمالهم إِياه، لزموا الأخف عليهم، قال: وقال النحويون: ارتفع «لَعمرُكَ» بالابتداء، والخبر محذوف، والمعنى: لعَمْرك قَسَمي، ولعَمْرك ما أُقسِمُ به، وحُذف الخبر، لأن في الكلام دليلاً عليه. المعنى: أُقسِم { إِنهم لفي سكرتهم يعمهون }. وفي المراد بهذه السكرة قولان: أحدهما: أنها بمعنى الضلالة، قاله قتادة. والثاني: بمعنى الغفلة، قاله الأعمش. وقد شرحنا معنى العَمَه في سورة [البقرة:15]. وفي المشار إِليهم بهذا قولان. أحدهما: أنهم قوم لوط، قاله الأكثرون. والثاني: قوم نبينا صلى الله عليه وسلم، قاله عطاء. قوله تعالى: { فأخذتهم الصيحة } يعني: صيحة العذاب، وهي صيحة جبريل عليه السلام. { مُشرقين } قال الزجاج: يقال: أشرقنا، فنحن مُشرقون: إِذا صادفوا شروق الشمس، وهو طلوعها، كما يقال: أصبحنا: إِذا صادفوا الصبح، يقال: شَرَقت الشمس: إِذا طلعت، وأشرقت: إِذا أضاءت وصَفَت، هذا أكثر اللغة. وقد قيل: شَرَقت وأشرقت في معنى واحد، إِلا أن «مُشرقين» في معنى مصادِفين لطلوع الشمس. قوله تعالى: { فجعلنا عاليها سافلها } قد فسرنا الآية في سورة [هود: 82]. وفي المتوسِّمين أربعة أقوال: أحدها: أنهم المتفرِّسُون، روى أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " اتقوا فِراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله " ثم قرأ { إِن في ذلك لآيات للمتوسِّمين } قال: المتفرِّسين، وبهذا قال مجاهد، وابن قتيبة. قال ابن قتيبة: يقال: توسَّمتُ في فلان الخير، أي: تبيَّنتُه. وقال الزجاج: المتوسمون، في اللغة: النُّظَّار المتثبِّتون في نظرهم حتى يعرفوا حقيقة سِمة الشيء، يقال: توسمت في فلان كذا، أي: عرفت وسم ذلك فيه. وقال غيره: المتوسم: الناظر في السِّمَة الدالة على الشيء. والثاني: المعتبرون، قاله قتادة. والثالث: الناظرون، قاله الضحاك. والرابع: المتفكرون، قاله ابن زيد، والفراء. قوله تعالى: { وإِنها } يعني: قرية قوم لوط { لبسبيل مقيم } فيه قولان: أحدهما: لَبِطريق واضح، رواه نهشل عن الضحاك عن ابن عباس، وبه قال قتادة، والزجاج. وقال ابن زيد: لبِطَريق متبيَّن. والثاني: لبهلاك. رواه أبو رَوْق عن الضحاك عن ابن عباس، والمعنى: إِنها بحال هلاكها لم تُعْمَر حتى الآن، فالاعتبار بها ممكن، وهي على طريق قريش إِذا سافروا إِلى الشام.