الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَىٰ أَن مَّسَّنِيَ ٱلْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ } * { قَالُواْ بَشَّرْنَاكَ بِٱلْحَقِّ فَلاَ تَكُن مِّنَ ٱلْقَانِطِينَ } * { قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ ٱلضَّآلُّونَ } * { قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا ٱلْمُرْسَلُونَ } * { قَالُواْ إِنَّآ أُرْسِلْنَآ إِلَىٰ قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ } * { إِلاَّ آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ } * { إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ قَدَّرْنَآ إِنَّهَا لَمِنَ ٱلْغَابِرِينَ } * { فَلَمَّا جَآءَ آلَ لُوطٍ ٱلْمُرْسَلُونَ } * { قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ } * { قَالُواْ بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُواْ فِيهِ يَمْتَرُونَ } * { وَآتَيْنَاكَ بِٱلْحَقِّ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ } * { فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ ٱلَّيلِ وَٱتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ وَٱمْضُواْ حَيْثُ تُؤْمَرُونَ } * { وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ ذَلِكَ ٱلأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلآءِ مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ }

قوله تعالى: { قال أبشَّرتموني } أي: بالولد { على أن مسَّني الكِبَرُ } أي: على حالة الكِبَر والهرم { فبم تُبشِّرونَ } قرأ أبو عمر، وعاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: «تُبشِّرونَ» بفتح النون. وقرأ نافع بكسر النون، ووافقه ابن كثير في كسرها، لكنه شددها. وهذا استفهام تعجب، كأنه عجب من الولد على كِبَرِه. { قالوا بشَّرناك بالحق } أي: بما قضى الله أنه كائن { فلا تكن من القانطين } يعني: الآيسين. { قال ومن يقنط } قرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وابن عامر، وحمزة: «ومن يقنَط» بفتح النون في جميع القرآن. وقرأ أبو عمرو، والكسائي: «يقنِط» بكسر النون. وكلهم قرؤوامن بعد ماقَنَطوا } [الشورى:28] بفتح النون. وروى خارجة عن أبي عمرو «ومن يقنُط» بضم النون. قال الزجاج: يقال: قنِط يقنَط، وقنَط يقنِط، والقُنوط بمعنى اليأس، ولم يكن إِبراهيم قانطاً، ولكنه استبعد وجود الولد. { قال فما خطبكم } أي: ما أمرُكم؟ { قالوا إِنا أُرسلنا } أي: بالعذاب. وقوله: { إِلا آل لوط } استثناء ليس من الأول. فأما آل لوط، فهم أتباعه المؤمنون.

قوله تعالى: { إِنا لمنجوهم } قرأ ابن كثير، ونافع وعاصم، وأبو عمرو، وابن عامر: «لمنجُّوهم» مشددة الجيم. وقرأ حمزة، والكسائي «لمُنجوهم» خفيفة.

قوله تعالى: { إِلا امرأته } المعنى: إٍنا لمنجوهم إِلا امرأته { قدَّرنا } وروى أبو بكر عن عاصم «قَدَرْنا» بالتخفيف، والمعنى واحد، يقال: قدَّرت وقدّرْت، والمعنى: قضينا { إِنها لمن الغابرين } يعني: الباقين في العذاب.

قوله تعالى: { إِنكم قوم منكرون } يعني: لا أعرفكم، { قالوا بل جئناك بما كانوا فيه يمترون } يعنون: العذاب، كانوا يشكّون في نزوله. { وأَتيناك بالحق } أي: بالأمر الذي لا شك فيه من عذاب قومك.

قوله تعالى: { واتَّبِعْ أدبارهم } أي: سِرْ خلفهم { وامضوا حيث تؤمرون } أي: حيث يأمركم جبريل.

وفي المكان الذي أُمِروا بالمضي إِليه قولان:

أحدهما: أنه الشام، قاله ابن عباس. والثاني: قرية من قرى قوم لوط، قاله ابن السائب.

قوله تعالى: { وقضينا إِليه ذلك الأمر } أي: أوحينا إِليه ذلك الأمر، أي: الأمر بهلاك قومه، قال الزجاج: فسَّر: ما الأمر بباقي الآية، والمعنى: وقضينا إِليه أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين. فأما الدابر، فقد سبق تفسيره [الأنعام:45]، والمعنى: إِن آخر من يبقى منكم يَهْلِك وقت الصبح.