الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ٱبْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ وَأَنْفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِٱلْحَسَنَةِ ٱلسَّيِّئَةَ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ } * { جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ } * { سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ }

قوله تعالى: { والذين صبروا } أي: على ما أُمروا به { ابتغاء وجه ربهم } أي: طلباً لرضاه { وأقاموا الصلاة } أتمُّوها { وأنفقوا مما رزقناهم } من الأموال في طاعة الله. قال ابن عباس: يريد بالصلاة: الصلوات الخمس، وبالإِنفاق: الزكاة.

قوله تعالى: { ويدرؤون } أي: يدفعون { بالحسنة السيئة }. وفي المراد بهما خمسة أقوال:

أحدها: يدفعون بالعمل الصالح الشرَّ من العمل، قاله ابن عباس. والثاني: يدفعون بالمعروف المنكر، قاله سعيد بن جبير. والثالث: بالعفو الظلمَ، قاله جُوَيبر. والرابع: بالحلم السفهَ، كأنهم إِذا سُفه عليهم حَلُموا، قاله ابن قتيبة.

والخامس: بالتوبة الذنْبَ، قاله ابن كيسان.

قوله تعالى: { أولئك لهم عقبى الدار } قال ابن عباس: يريد: عقباهم الجنة، أي: تصير الجنة آخر أمرهم.

قوله تعالى: { ومن صلح } وقرأ ابن أبي عبلة: «صلُح» بضم اللام. ومعنى «صلح» آمن، وذلك أن الله تعالى ألحق بالمؤمن أهله المؤمنين إِكراماً له، لتقرَّ عينُه بهم. { والملائكة يدخلون عليهم من كل باب } قال ابن عباس: بالتحية من الله والتحفة والهدايا.

قوله تعالى: { سلام عليكم } قال الزجاج: أُضمر القول هاهنا، لأن في الكلام دليلاً عليه. وفي هذا السلام قولان:

أحدهما: أنه التحية المعروفة، يدخل الملَك فيسلِّم وينصرف. قال ابن الأنباري: وفي قول المسلِّم: سلام عليكم، قولان: أحدهما: أن السلام: اللهُ عز وجل، والمعنى: الله عليكم، أي: على حفظكم. والثاني: أن المعنى: السلامة عليكم، فالسلام جمع سلامة.

والثاني: أن معناه: إِنما سلَّمكم الله تعالى من أهوال القيامة وشرِّها بصبركم في الدنيا.

وفيما صبروا عليه خمسة أقوال:

أحدها: أنه أمر الله، قاله سعيد بن جبير.

والثاني: فضول الدنيا، قاله الحسن.

والثالث: الدِّين.

والرابع: الفقر، رويا عن أبي عمران الجَوني.

والخامس: أنه فقد المحبوب، قاله ابن زيد.