قوله تعالى: { له دعوة الحق } فيه قولان: أحدهما: أنها كلمة التوحيد، وهي لا إِله إِلا الله، قاله عليّ، وابن عباس، والجمهور، فالمعنى: له من خَلقه الدعوة الحق، فأضيفت الدعوة إِلى الحق، لاختلاف اللفظين. والثاني: أن الله عز وجل هو الحق، فمن دعاه دعا الحق، قاله الحسن. قوله تعالى: { والذين يدعون من دونه } يعني: الأصنام يدعونها آلهة. قال أبو عبيدة: المعنى: والذين يدعون غيره من دونه. قوله تعالى: { لا يستجيبون لهم } أي: لا يجيبونهم. قوله تعالى: { إِلا كباسط كفَّيه إِلى الماء } فيه خمسة أقوال: أحدها: أنه العطشان يمدُّ يده إِلى البئر ليرتفع الماء إِليه وما هو ببالغه، قاله عليّ عليه السلام، وعطاء. والثاني: أنه الرجل العطشان قد وضع كفَّيه في الماء وهو لا يرفعهما، رواه العوفي عن ابن عباس. والثالث: أنه العطشان يرى خياله في الماء من بعيد، فهو يريد أن يتناوله فلا يقدر عليه، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. والرابع: أنه الرجل يدعو الماءَ بلسانه ويشير إِليه بيده فلا يأتيه أبداً، قاله مجاهد. والخامس: أنه الباسط كفَّيه ليقبض على الماء حتى يؤدِّيَه إِلى فيه، لا يتم له ذلك، والعرب: تقول من طلب مالا يجد فهو القابض على الماء، وأنشدوا:
وإِنِّي وإِيَّاكم وشَوْقاً إِليكُمُ
كقابضِ ماءٍ لم تَسِقْهُ أنامِلُهْ
أي: لم تحمله، والوَسْق: الحِمْلُ، وقال آخر:
فأصبحتُ مما كان بَيْني وبَيْنَها
مِنَ الوُدِّ مِثْلَ القَابِضِ الماءَ باليَدِ
هذا قول أبي عبيدة، وابن قتيبة. قوله تعالى: { وما دعاء الكافرين إِلا في ضلال } فيه قولان: أحدهما: وما دعاء الكافرين ربَّهم إِلا في ضلال، لأن أصواتهم محجوبة عن الله، رواه الضحاك عن ابن عباس. والثاني: وما عبادة الكافرين الأصنامَ إِلا في خسران وباطل، قاله مقاتل.