الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُواْ تَٱللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ } * { قَالُواْ فَمَا جَزَآؤُهُ إِن كُنتُمْ كَاذِبِينَ } * { قَالُواْ جَزَآؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلظَّالِمِينَ }

قوله تعالى: { قالوا تالله } قال الزجاج: «تالله» بمعنى: والله، إِلا أن التاء لا يقسم بها إِلا في الله عز وجل. ولا يجوز: تالرحمن لأفعلن، ولا: تربي لأفعلن. والتاء تُبدل من الواو، كما قالوا في وُراث: تراث، وقالوا: يتَّزن، وأصله: يوتزن، من الوزن. قال ابن الأنباري: أبدلت التاء من الواو، كما أبدلت في التخمة والتراث والتُجاه، وأصلهن من الوخمة والوراث والوجاه، لأنهن من الوِخامة والوِراثة والوَجه. ولا تقول العرب: تالرحمن، كما قالوا: تالله، لأن الاستعمال في الإِقسام كثر بالله، ولم يكن بالرحمن، فجاءت التاء بدلاً من الواو في الموضع الذي يكثر استعماله.

قوله تعالى: { لقد علمتم } يعنون يوسف { ما جئنا لنفسد في الأرض } أي: لنظلم أحداً أو نسرق.

فإن قيل: كيف حلفوا على عِلم قوم لا يعرفونهم؟

فالجواب من ثلاثة أوجه.

أحدها: أنهم قالوا ذلك، لأنهم ردّوا الدراهم ولا يستحلُّوها، فالمعنى: لقد علمتم أنا رددنا عليكم دراهمكم وهي أكثر من ثمن الصاع، فكيف نستحل صاعكم، رواه الضحاك عن ابن عباس، وبه قال مقاتل.

والثاني: لأنهم لما دخلوا مصر كعموا أفواه إِبلهم وحميرهم حتى لا تتناول شيئاً، وكان غيرهم لا يفعل ذلك، رواه أبو صالح عن ابن عباس.

والثالث: أن أهل مصر كانوا قد عرفوهم أنهم لا يظلمون أحداً.

قوله تعالى: { فما جزاؤه } المعنى: قال المنادي وأصحابه: فما جزاؤه. قال الأخفش: إِن شئت رددت الكناية إِلى السارق، وإِن شئت رددتها إِلى السرق.

قوله تعالى: { إِن كنتم كاذبين } أي: في قولكم، { وما كنا سارقين }. { قالوا }: يعني إِخوة يوسف { جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه } أي: يُستعبَد بذلك. قال ابن عباس: وهذه كانت سُنَّة آل يعقوب.