الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَاعَهُمْ وَجَدُواْ بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُواْ يٰأَبَانَا مَا نَبْغِي هَـٰذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذٰلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ } * { قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّىٰ تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِّنَ ٱللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّآ آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ ٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ } * { وَقَالَ يٰبَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَٱدْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ وَمَآ أُغْنِي عَنكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ إِنِ ٱلْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُتَوَكِّلُونَ } * { وَلَمَّا دَخَلُواْ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم مَّا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ إِلاَّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }

قوله تعالى: { ولما فتحوا متاعهم } يعني أوعية الطعام { وجدوا بضاعتهم } التي حملوها ثمناً للطعام { رُدَّت } قال الزجاج: الأصل «رُدِدَتْ»، فأدغمت الدال الأولى في الثانية، وبقيت الراء مضمومة. ومن قرأ بكسر الراء جعل كسرتها منقولة من الدال، كما فُعل ذلك في: قيل، وبيع، ليدل على أن أصل الدال الكسر.

قوله تعالى: { ما نبغي } في «ما» قولان:

أحدهما: أنها استفهام، المعنى: أي شيء نبغي وقد رُدَّت بضاعتنا إِلينا.

والثاني: أنها نافية، المعنى: ما نبغي شيئاً، أي: لسنا نطلب منك دراهم نرجع بها إِليه، بل تكفينا هذه في الرجوع إِليه، وأرادوا بذلك تطييب قلبه ليأذن لهم بالعَود. وقرأ ابن مسعود، وابن يعمر، والجحدري، وأبو حيوة «ما تبغي» بالتاء، على الخطاب ليعقوب.

قوله تعالى: { ونمير أهلنا } أي: نجلب لهم الطعام. قال ابن قتيبة: يقال: مار أهله يميرهم مَيْراً، وهو مائر لأهله: إِذا حمل إِليهم أقواتهم من غير بلده.

قوله تعالى: { ونحفظ أخانا } فيه قولان:

أحدهما: نحفظ أخانا بنيامين الذي ترسله معنا، قاله الأكثرون.

والثاني: ونحفظ أخانا شمعون الذي أخذه رهينة عنده، قاله الضحاك عن ابن عباس.

قوله تعالى: { ونزداد كيل بعير } أي: وِقْر بعير، يعنون بذلك نصيب أخيهم، لأن يوسف كان لا يعطي الواحد أكثر من حِمل بعير.

قوله تعالى: { ذلك كيل يسير } فيه ثلاثة أقوال:

أحدها: ذلك كيل سريع، لا حبس فيه، يعنون: إِذا جاء معنا، عجَّل الملك لنا الكيل، قاله مقاتل.

والثاني: ذلك كيل سهل على الذي نمضي إِليه، قاله الزجاج.

والثالث: ذلك الذي جئناك به كيل يسير لا يُقنعُنا، قاله الماوردي.

قوله تعالى: { حتى تؤتون موثقاً من الله } أي: تعطوني عهداً أثق به، والمعنى: حتى تحلفوا لي بالله { لتأتُنَّني به } أي: لتَرُدُّنَّه إِلي. قال ابن الأنباري: وهذه اللام جواب لمضمَر، تلخيصه: وتقولوا: والله لتأتُنّني به.

قوله تعالى: { إِلا أن يحاط بكم } فيه قولان:

أحدهما: أن يهلك جميعكم، قاله مجاهد.

والثاني: أن يُحال بينكم وبينه فلا تقدرون على الإِتيان به، قاله الزجاج.

قوله تعالى: { فلما آتَوْه موثقهم } أي: أعطَوْه العهد وفيه قولان:

أحدهما: أنهم حلفوا له بحق محمد صلى الله عليه وسلم ومنزلته من ربه، قاله الضحاك عن ابن عباس. والثاني: أنهم حلفوا بالله تعالى، قاله السدي.

قوله تعالى: { قال الله على ما نقول وكيل } فيه قولان:

أحدهما: أنه الشهيد. والثاني: كفيل بالوفاء، رُويا عن ابن عباس.

قوله تعالى: { لا تدخلوا من باب واحد } قال المفسرون: لما تجهزوا للرحيل، قال لهم يعقوب: «لا تدخلوا» يعني مصر «من باب واحد».

وفي المراد بهذا الباب قولان:

أحدهما: أنه أراد باباً من أبواب مصر، وكان لمصر أربعة أبواب، قاله الجمهور.

السابقالتالي
2