الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ ٱجْعَلُواْ بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَآ إِذَا ٱنْقَلَبُوۤاْ إِلَىٰ أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }

قوله تعالى: { وقال لفتيته } قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وأبو بكر عن عاصم: «لفتيته» وقرأ حمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم: «لفتيانه» قال أبو علي: الفتية جمع فتى في العدد القليل، والفتيان في الكثير. والمعنى: قال لغلمانه: { اجعلوا بضاعتهم } وهي التي اشترَوا بها الطعام { في رحالهم } ، والرحل: كل شيء يُعَدُّ للرحيل. { لعلهم يعرفونها } أي: ليعرفوها { إِذا انقلبوا } أي: رجعوا { إِلى أهلهم، لعلهم يرجعون } أي: لكي يرجعوا.

وفي مقصوده بذلك خمسة أقوال:

أحدها: أنه تخوف أن لا يكون عند أبيه من الورِق ما يرجعون به مرة أخرى، فجعل دراهمهم في رحالهم، قاله أبو صالح عن ابن عباس.

والثاني: أنه أراد أنهم إِذا عرفوها، لم يستحلُّوا إِمساكها حتى يردُّوها، قاله الضحاك.

والثالث: أنه استقبح أخذ الثمن من والده وإِخوته مع حاجتهم إِليه، فردَّه عليهم من حيث لا يعلمون سبب رده تكرماً وتفضلاً، ذكره ابن جرير الطبري، وأبو سليمان الدمشقي.

والرابع: ليعلموا أنّ طلبه لعَوْدهم لم يكن طمعاً في أموالهم، ذكره الماوردي.

والخامس: أنه أراهم كرمه وبِرَّه ليكون أدعى إِلى عَوْدهم.