الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا ٱذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ ٱلشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي ٱلسِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ }

قوله تعالى: { وقال للذي ظن أنه ناجٍ منهما } يعني الساقي.

وفي هذا الظن قولان:

أحدهما: أنه بمعنى العلم، قاله ابن عباس. والثاني: أنه الظن الذي يخالف اليقين، قاله قتادة.

قوله تعالى: { اذكرني عند ربك } أي: عند صاحبك، وهو الملك، وقل له: إِن في السجن غلاماً حُبس ظلماً. واسم الملك: الوليد بن الريّان.

قوله تعالى: { فأنساه الشيطان ذكر ربه } فيه قولان:

أحدهما: فأنسى الشيطان الساقي ذكر يوسف لربه، قاله أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال ابن إِسحاق.

والثاني: فأنسى الشيطان يوسف ذكر ربه، وأمره بذكر الملك ابتغاءَ الفرج من عنده، قاله مجاهد، ومقاتل، والزجاج، وهذا نسيان عمد، لا نسيان سهو، وعكسه القول الذي قبله.

قوله تعالى: { فلبث في السجن بضع سنين } أي: غير ماكان قد لبث قبل ذلك. عقوبة له على تعلُّقه بمخلوق.

وفي البضع تسعة أقوال:

أحدها: ما بين السبع والتسع، روى ابن عباس أن أبا بكر لما ناحب قريشاً عند نزولآلم غلبت الروم } [الروم:1، 2]، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " ألا احتطت، فإن البضع ما بين السبع إِلى التسع " والثاني: اثنتا عشرة سنة، قاله الضحاك عن ابن عباس. والثالث: سبع سنين، قاله عكرمة. والرابع: أنه ما بين الخمس إِلى السبع، قاله الحسن. والخامس: أنه ما بين الأربع إِلى التسع، قاله مجاهد. والسادس: ما بين الثلاث إِلى التسع، قاله الأصمعي، والزجاج. والسابع: أن البضع يكون بين الثلاث والتسع العشر، قاله قتادة. والثامن: أنه ما دون العشرة، قاله الفراء، وقال الأخفش: البضع: من واحد إِلى عشرة. والتاسع: أنه مالم يبلغ العقد ولا نصفه، قاله أبو عبيدة: قال ابن قتيبة: يعني ما بين الواحد إِلى الأربعة. وروى الأثرم عن أبي عبيدة: البضع: ما بين ثلاث وخمس.

وفي جملة ما لبث في السجن ثلاثة أقوال:

أحدها: اثنتا عشرة سنة، قاله ابن عباس.

والثاني: أربع عشرة، قاله الضحاك.

والثالث: سبع سنين، قاله قتادة. قال مالك بن دينار: لما قال يوسف للساقي «اذكرني عند ربك» قيل له: يا يوسف، أتخذت من دوني وكيلاً؟ لأطيلنَّ حبسك، فبكى، وقال: يارب، أنسى قلبي كَثرةُ البلوى، فقلت كلمة، فويل لإِخوتي.