قوله تعالى: { يوسف أعرض عن هذا } المعنى: يا يوسف أعرض. وفي القائل له هذا قولان: أحدهما: أنه ابن عمها وهو الشاهد، قاله ابن عباس. والثاني: أنه الزوج، ذكره جماعة من المفسرين. قال ابن عباس: أَعرضْ عن هذا الأمر فلا تذكره لأحد، واكتمه عليها. وروى الحلبي عن عبد الوراث: «يوسف أعرَضَ عن هذا» بفتح الراء على الخبر. قوله تعالى: { واستغفري لذنبك } فيه قولان: أحدهما: استعفي زوجك لئلا يعاقبَكِ، قاله ابن عباس. والثاني: توبي من ذنبكِ فإِنكِ قد أثمتِ. وفي القائل لهذا قولان. أحدهما: ابن عمها. والثاني: الزوج. قوله تعالى: { إِنكِ كنتِ من الخاطئين } يعني: من المذنبين. قال المفسرون: ثم شاع ذلك الحديث في مصر حتى تحدَّث بذلك النساء، وهو قوله: { وقال نسوة في المدينة } ، وفي عددهن قولان: أحدهما: أنهن كن أربعاً: امرأة ساقي الملك، وامرأة صاحب دواته، وامرأة خبَّازه، وامرأة صاحب سجنه، قاله ابن عباس. والثاني: أنهن خمس، امرأة الخبَّاز، وامرأة الساقي، وامرأة السجَّان، وامرأة صاحب الدواة، وامرأة الآذن، قاله مقاتل. فأما العزيز، فهو بلغتهم الملك، والفتى بمعنى العبد. قال الزجاج: كانوا يسمون المملوك فتى. وإِنما تكلم النسوة في حقها، طعناً فيها، وتحقيقاً لبراءة يوسف. قوله تعالى: { قد شغفها حباً } أي: بلغ حبُّه شَغاف قلبها. وفي الشَّغاف أربعة أقوال: أحدها: أنه جلدةٌ بين القلب الفؤاد، رواه عكرمة عن ابن عباس. والثاني: أنه غلاف القلب، قاله أبو عبيدة. قال ابن قتيبة: ولم يُرِدِ الغلاف، إِنما أراد القلب، يقال: شغفت فلاناً: إِذا أصبت شغافه، كما يقال: كبدته: إِذا أصبت كبده، وبطنته: إِذا أصبت بطنه. والثالث: أنه حَبَّة القلب وسويداؤه. والرابع: أنه داءٌ يكون في الجوف في الشراسيف، وأنشدوا:
وَقَدْ حَالَ هَمٌّ دُوْنَ ذَلِكَ دَاخِلٌ
دُخُوْلَ الشَّغافِ تَبْتَغِيْهِ الأَصَابِعُ
ذكر القولين الزجاج. وقال الأصمعي: الشَّغاف عند العرب: داءٌ يكون تحت الشراسيف في الجانب الأيمن من البطن، والشَّراسيف: مقاطّ رؤوس الأضلاع، واحدها: شُرسوف. وقرأ عبد الله بن عمرو، وعلي بن الحسين، والحسن البصري، ومجاهد، وابن محيصن، وابن أبي عبلة «قد شعفها» بالعين. قال الفراء: كأنه ذهب بها كل مذهب، والشَّعَف: رؤوس الجبال. قوله تعالى: { إِنا لنراها في ضلال مبين } أي: عن طريق الرشد، لحبها إِياه. والمبين: الظاهر.