الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ بَقِيَّتُ ٱللَّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ } * { قَالُواْ يٰشُعَيْبُ أَصَلَٰوتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ ءابَاؤُنَآ أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِيۤ أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لأَنتَ ٱلْحَلِيمُ ٱلرَّشِيدُ } * { قَالَ يٰقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَآ أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ ٱلإِصْلاَحَ مَا ٱسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِيۤ إِلاَّ بِٱللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ } * { وَيٰقَوْمِ لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِيۤ أَن يُصِيبَكُم مِّثْلُ مَآ أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيدٍ } * { وَٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ } * { قَالُواْ يٰشُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفاً وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَآ أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ } * { قَالَ يٰقَوْمِ أَرَهْطِيۤ أَعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَٱتَّخَذْتُمُوهُ وَرَآءَكُمْ ظِهْرِيّاً إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ } * { وَيٰقَوْمِ ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَٰمِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَٰذِبٌ وَٱرْتَقِبُوۤاْ إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ } * { وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْباً وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَأَخَذَتِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ } * { كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَآ أَلاَ بُعْداً لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ }

قوله تعالى: { بقيَّةُ الله خير لكم } فيه ثمانية أقوال:

أحدها: ما أبقي الله لكم الحلال بعد إِيفاء الكيل والوزن، خير من البخس، قاله ابن عباس.

والثاني: رزق الله خير لكم، روى عن ابن عباس أيضاً، وبه قال سفيان.

والثالث: طاعة الله خير لكم، قاله مجاهد، والزجاج.

والرابع: حظُّكم من الله خير لكم، قاله قتادة.

والخامس: رحمة الله خير لكم، قاله ابن زيد.

والسادس: وصية الله خير لكم، قاله الربيع.

والسابع: ثواب الله في الآخرة خير لكم، قال مقاتل.

والثامن: مراقبة الله خير لكم، ذكره الفراء. وقرأ الحسن البصري: «تقية الله خير لكم» بالتاء.

قوله تعالى: { إِن كنتم مؤمنين } شرطَ الإِيمان في كونه خيراً لهم، لأنهم إِن كانوا مؤمنين بالله عز وجل، عرفوا صحة ما يقول. وفي قوله: { وما أنا عليكم بحفيظ } ثلاثة أقوال:

أحدها: ما أُمرْتُ بقتالكم وإِكراهكم على الإِيمان.

والثاني: ما أُمرتُ بمراقبتكم عند كيلكم لئلا تبخسوا.

والثالث: ما أحفظكم من عذاب الله إِن نالكم.

قوله تعالى: { أصلواتك تأمرك } وقرأ حمزة، والكسائي، وخلف، وحفص: «أصلاتك» على التوحيد.

وفي المراد بصلواته ثلاثة أقوال: أحدها: دينة، قاله عطاء. والثاني: قراءته، قاله الأعمش. والثالث: أنها الصلوات المعروفة. وكان شعيب كثيرَ الصلاة.

قوله تعالى: { أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء } قال الفراء: معنى الآية: أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا، أو أن نترك أن نفعل في أموالنا ما نشاء؟

وفي معنى الكلام على قراءة من قرأ بالنون قولان.

أحدهما: أن فعلهم في أموالهم هو البخس والتطفيف، قاله ابن عباس؛ فالمعنى: قد تراضينا فيما بيننا بذلك.

والثاني: أنهم كانوا يقطعون الدراهم والدنانير، فنهاهم عن ذلك، قاله ابن زيد. وقال القرظي: عُذِّبوا في قطعهم الدراهم. قال ابن الأنباري: وقرأ الضحاك بن قيس الفهري «ما تشاء» بالتاء، ونسق «أن تفعل» على «أن تترك»، واستغنى عن الإِضمار. قال سفيان الثوري: في معنى هذه القراءة أنه أمرهم بالزكاة فامتنعوا. وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي، والضحاك، وابن أبي عبلة: «أو أن تفعل في أموالنا ما تشاء» بالتاء فيهما؛ ومعنى هذه القراءة كمعنى قراءة الفهري.

وفي قوله: { إِنك لأنت الحليم الرشيد } أربعة أقوال:

أحدها: أنهم قالوه استهزاءً به، رواه أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال قتادة، والفراء.

والثاني: أنهم قالوا له: إِنك لأنت السفيه الجاهل، فكنى بهذا عن ذلك، ذكره الزجاج.

والثالث: أنهم سبّوه بأنه ليس بحليم ولا رشيد، فأثنى الله عز وجل عليه فقال: بل إِنك لأنت الحليم الرشيد، لا كما قال لك الكافرون، حكاه أبو سليمان الدمشقي عن أبي الحسن المصيصي.

والرابع: أنهم اعترفوا له بالحلم والرشد حقيقة، وقالوا: أنت حليم رشيد، فَلِمَ تنهانا أن نفعل في أموالنا ما نشاء؟ حكاه الماوردي، وذهب إِلى نحوه ابن كيسان.

السابقالتالي
2 3