الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ ٱلرَّوْعُ وَجَآءَتْهُ ٱلْبُشْرَىٰ يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ } * { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ } * { يَٰإِبْرَٰهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَـٰذَآ إِنَّهُ قَدْ جَآءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ }

قوله تعالى: { فلما ذهب عن إِبراهيم الرَّوْعُ } يعني الفَزَع الذي أصابه حين امتنعوا من الأكل. { يجادلنا } فيه إِضمار أخذ وأقبل يجادلنا، والمراد: يجادل رسلنا.

قال المفسرون: لما قالوا له:إِنا مهلكوا أهل هذه القرية } [العنكبوت 31]، قال: أتهلكون قرية فيها مائة مؤمن؟ قالوا: لا. قال: أتهلكون قرية فيها خمسون مؤمناً؟ قالوا: لا. قال: أربعون؟ قالوا: لا. فما زال ينقص حتى قال: فواحد؟ قالوا: لا. فقال حينئذ:إِن فيها لوطا، قالوا نحن أعلم بمن فيها } [العنكبوت 31]، هذا قول ابن إِسحاق. وقال غيره: قيل له: إِن كان فيهم خمسة لم نعذِّبْهم، فما كان فيهم سوى لوط وابنتيه. وقال سعيد بن جبير: قال لهم: أتهلكون قرية فيها أربعة عشر مؤمناً؟ قالوا: لا؛ وكان إِبراهيم يَعُدُّهم أربعة عشر مع امرأة لوط، فسكتَ واطمأنَّتْ نفسه؛ وإِنما كانوا ثلاثة عشر فأُهلكوا.

قوله تعالى: { إِن إِبراهيم لحليم أَوَّاهٌ } قد فسرناه في [براءة 114]. فعند ذلك قالت الرسل لإِبراهيم: { يا إِبراهيم أعرض عن هذا } يعنون الجدال. { إِنه قد جاء أمر ربك } بعذابهم. وقيل: قد جاء عذاب ربك، فليس بمردود، لأن الله قد قضى به.