الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ تِلْكَ مِنْ أَنْبَآءِ ٱلْغَيْبِ نُوحِيهَآ إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَآ أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَـٰذَا فَٱصْبِرْ إِنَّ ٱلْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ } * { وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ } * { يٰقَوْمِ لاۤ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى ٱلَّذِي فَطَرَنِيۤ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } * { وَيٰقَوْمِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيْكُمْ مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ } * { قَالُواْ يٰهُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِيۤ آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ }

قوله تعالى: { تلك من أنباء الغيب } في المشار إليه بـ «تلك» قولان:

أحدهما: قصة نوح.

والثاني: آيات القرآن، والمعنى: تلك من أخبار ما غاب عنك وعن قومك.

فان قيل: كيف قال هاهنا: «تلك» وفي مكان آخر «ذلك»؟ فقد أجاب عنه ابن الأنباري، فقال: «تلك» إِشارة إِلى آيات القرآن، و«ذلك» إِشارة إِلى الخبر والحديث، وكلاهما معروف في اللغة الفصيحة، يقول الرجل: قد قدم فلان، فيقول سامعٌ قولَه: قد فرحت به، وقد سررت بها، فاذا ذكّر، عنى القدوم، وإِذا أنَّث، ذهب إِلى القَدْمَة.

قوله تعالى: { من قبل هذا } يعني: القرآن. { فاصبر } كما صبر نوح على أذى قومه { إِن العاقبة } أي: آخر الأمر بالظفر والتمكين { للمتقين } أي: لك ولقومك كما كان لمؤمني قوم نوح.

قوله تعالى: { إِن أنتم إِلا مفترون } أي: ما أنتم إِلا كاذبون في إِشراككم مع الله الأوثان. وما بعد هذا قد سبق تفسيره [يونس: 72] إِلى قوله: { يرسل السماء عليكم مدراراً } وهذا أيضاً قد سبق تفسيره في [سورة الأنعام 61]. والسبب في قوله لهم ذلك، أن الله تعالى حبس المطر عنهم ثلاث سنين، وأعقم أرحام نسائهم، فوعدهم إِحياء بلادهم وبسط الرزق لهم إِن آمنوا.

قوله تعالى: { ويزدكم قُوَّةً إِلى قُوَّتِكم } فيه ثلاثة أقوال:

أحدها: أنه الولد وولد الولد، رواه أبو صالح عن ابن عباس.

والثاني: يزدكم شدة إِلى شدتكم، قاله مجاهد، وابن زيد.

والثالث: خِصباً إِلى خصبكم، قاله الضحاك.

قوله تعالى: { ولا تتولَّوا مجرمين } قال مقاتل: لا تُعرضوا عن التوحيد مشركين.

قوله تعالى: { ما جئتنا ببينة } أي: بحجة واضحة. { وما نحن بتاركي آلهتنا } يعنون الأصنام. { عن قولك } أي: بقولك، و«الباء» و«عن» يتعاقبان.