الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيٰقَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ ٱللَّهِ إِن طَرَدتُّهُمْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } * { وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ ٱللَّهِ وَلاَ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِيۤ أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ ٱللَّهُ خَيْراً ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِيۤ أَنْفُسِهِمْ إِنِّيۤ إِذاً لَّمِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ } * { قَالُواْ يٰنُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } * { قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ ٱللَّهُ إِن شَآءَ وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ } * { وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِيۤ إِنْ أَرَدْتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ ٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }

قوله تعالى: { ويا قوم من ينصرني } أي: من يمنعني من عذاب الله إِن طردتهم.

قوله تعالى: { ولا أقول لكم عندي خزائن الله } قال ابن الأنباري: أراد بالخزائن: عِلمَ الغيب المطوي عن الخلق، لأنهم قالوا له: إنما اتَّبعك هؤلاء في الظاهر وليسوا معك، فقال لهم: ليس عندي خزائن غيوب الله فأعلم ما تنطوي عليه الضمائر. وإِنما قيل للغيوب: خزائن، لغموضها عن الناس واستتارها عنهم. قال سفيان بن عيينة: إِنما آيات القرآن خزائن، فإذا دخلتَ خزانةً فاجتهد أن لا تخرج منها حتى تعرف ما فيها.

قوله تعالى: { ولا أعلم الغيب } قيل: إِنما قال لهم هذا، لأن أرضهم أجدبت، فسألوه: متى يجيء المطر؟ وقيل: بل سألوه: متى يجيء العذاب؟ فقال: ولا أعلم الغيب. وقوله: { ولا أقول إِني ملَك } جواب لقولهم:ما نراك إِلا بشراً مثلَنا } [هود: 27]. { ولا أقول للذين تزدري أعينكم } أي: تحتقر وتستصغر المؤمنين. قال الزجاج: «تزدري» تستقل وتستخِس، يقال: زريت على الرجل: إِذا عبت عليه وخسست فعله، وأزريت به: إِذا قصرت به. وأصل تزدري: تزتري، إِلا أن هذه التاء تبدل بعد الزاي دالاً، لأن التاء من حروف الهمس، وحروف الهمس خفية، فالتاء بعد الزاي تخفى، فأبدلت منها الدال لجهرها.

قوله تعالى: { لن يؤتيهم الله خيراً } قال ابن عباس: إِيمانا. ومعنى الكلام: ليس لي أن أطَّلِع على ما في نفوسهم فأقطع عليهم بشيء، وليس لاحتقاركم إِياهم يبطل أجرهم. { إِني إِذاً لمن الظالمين } إِن قلت هذا الذي تقدم ذكره، وقيل إِن طردتهم.

قوله تعالى: { قد جادلتنا } قال الزجاج: الجدال: هو المبالغة في الخصومة والمناظرة، وهو مأخوذ من الجَدْل، وهو شدة الفتل، ويقال للصقر: أجدل، لأنه من أشد الطير. ويُقرأ { فأكثرت جَدْلنا }.

قوله تعالى: { فائتنا بما تعدنا } قال ابن عباس: يعنون العذاب. { إِن كنت من الصادقين } أنه يأتينا.

قوله تعالى: { إِن أردت أن أنصح لكم } أي: أنصحكم. وفي هذه الآية شرطان، فجواب الأول النصح، وجواب الثاني النفع.

قوله تعالى: { إِن كان الله يريد أن يُغويكم } فيه ثلاثة أقوال:

أحدها: يُضلكم، قاله ابن عباس.

والثاني: يُهلككم، حكاه ابن الأنباري: وقال: هو قول مرغوب عنه.

والثالث: يضلكم ويهلككم، قاله الزجاج.

قوله تعالى: { هو ربكم } أي: هو أولى بكم، يتصرف في ملكه كما يشاء { وإِليه تُرجعون } بعد الموت.