الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ } * { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ إِلاَّ ٱلنَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ إِمَاماً وَرَحْمَةً أُوْلَـٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ ٱلأَحْزَابِ فَٱلنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ } * { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً أُوْلَـٰئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَىٰ رَبِّهِمْ وَيَقُولُ ٱلأَشْهَادُ هَـٰؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَىٰ رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّالِمِينَ }

قوله تعالى: { مَنْ كان يريد الحياة الدنيا وزينتها } اختلفوا فيمن نزلت على أربعة أقوال:

أحدها: أنها عامة في جميع الخلق، وهو قول الأكثرين.

والثاني: أنها في أهل القبلة، قاله أبو صالح عن ابن عباس.

والثالث: أنها في اليهود والنصارى، قاله أنس.

والرابع، أنها في أهل الرياء، قاله مجاهد.

وروى عطاء عن ابن عباس: من كان يريد عاجل الدنيا ولا يؤمن بالبعث والجزاء. وقال غيره: إِنما هي في الكافر، لأن المؤمن يريد الدنيا والآخرة.

قوله: { نوفّ إِليهم أعمالهم } أي: أجور أعمالهم { فيها }. قال سعيد بن جبير: أُعطوا ثواب ما عملوا من خير في الدنيا. وقال مجاهد: مَنْ عمل عملاً من صِلة، أو صدقة، لا يريد به وجه الله، أعطاه الله ثواب ذلك في الدنيا، ويدرأ به عنه في الدنيا.

قوله تعالى: { وهم فيها } قال ابن عباس: أي في الدنيا. { لا يُبخسون } أي: لا يُنقصون من أعمالهم في الدنيا شيئاً. { أولئك الذين } عملوا لغير الله { ليس لهم في الآخرة إِلا النار وحبط ما صنعوا } أي: ما عملوا في الدنيا من حسنة { وباطل ما كانوا } لغير الله { يعملون }.

فصل

وذكر قوم من المفسرين، منهم مقاتل، أن هذه الآية اقتضت أن من أراد الدنيا بعمله، أعطي فيها ثواب عمله من الرزق والخير، ثم نُسخ ذلك بقوله:عجّلنا له فيها ما نشاء لمن نريد } [الاسراء: 18]، وهذا لا يصح، لأنه لا يوفّي إِلا لمن يريد.

. قوله تعالى: { أفمن كان على بيِّنة من ربه } في المراد بالبينة أربعة أقوال:

أحدها: أنها الدين، قاله أبو صالح عن ابن عباس.

والثاني: أنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، قاله الضحاك.

والثالث: القرآن، قاله ابن زيد.

والرابع: البيان، قاله مقاتل. وفي المشار إليه بـ «مَنْ» قولان:

أحدهما: أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قاله ابن عباس والجمهور.

والثاني: أنهم المسلمون، وهو يخرَّج على قول الضحاك. وفي قوله: { ويتلوه } قولان:

أحدهما: يتبعه.

والثاني: يقرؤه. وفي هاء «يتلوه» قولان:

أحدهما: أنها ترجع إِلى النبي صلى الله عليه وسلم.

والثاني: إِلى القرآن، وقد سبق ذكره في قوله:فأْتوا بعشرِ سُوَرٍ مثلِهِ مفتريات } [هود 13].

وفي المراد بالشاهد ثمانية أقوال:

أحدها: أنه جبريل، قاله ابن عباس، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وعكرمة، وإِبراهيم في آخرين.

والثاني: أنه لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يتلو القرآن، قاله علي بن أبي طالب، والحسن، وقتادة في آخرين.

والثالث: أنه علي بن أبي طالب. و «يتلوه» بمعنى يتبعه، رواه جماعة عن علي بن أبي طالب، وبه قال محمد بن علي، وزيد بن علي.

والرابع: أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم هو شاهد من الله تعالى، قاله الحسين بن علي عليه السلام.

السابقالتالي
2 3