قوله تعالى: { مَنْ كان يريد الحياة الدنيا وزينتها } اختلفوا فيمن نزلت على أربعة أقوال: أحدها: أنها عامة في جميع الخلق، وهو قول الأكثرين. والثاني: أنها في أهل القبلة، قاله أبو صالح عن ابن عباس. والثالث: أنها في اليهود والنصارى، قاله أنس. والرابع، أنها في أهل الرياء، قاله مجاهد. وروى عطاء عن ابن عباس: من كان يريد عاجل الدنيا ولا يؤمن بالبعث والجزاء. وقال غيره: إِنما هي في الكافر، لأن المؤمن يريد الدنيا والآخرة. قوله: { نوفّ إِليهم أعمالهم } أي: أجور أعمالهم { فيها }. قال سعيد بن جبير: أُعطوا ثواب ما عملوا من خير في الدنيا. وقال مجاهد: مَنْ عمل عملاً من صِلة، أو صدقة، لا يريد به وجه الله، أعطاه الله ثواب ذلك في الدنيا، ويدرأ به عنه في الدنيا. قوله تعالى: { وهم فيها } قال ابن عباس: أي في الدنيا. { لا يُبخسون } أي: لا يُنقصون من أعمالهم في الدنيا شيئاً. { أولئك الذين } عملوا لغير الله { ليس لهم في الآخرة إِلا النار وحبط ما صنعوا } أي: ما عملوا في الدنيا من حسنة { وباطل ما كانوا } لغير الله { يعملون }. فصل وذكر قوم من المفسرين، منهم مقاتل، أن هذه الآية اقتضت أن من أراد الدنيا بعمله، أعطي فيها ثواب عمله من الرزق والخير، ثم نُسخ ذلك بقوله:{ عجّلنا له فيها ما نشاء لمن نريد } [الاسراء: 18]، وهذا لا يصح، لأنه لا يوفّي إِلا لمن يريد. . قوله تعالى: { أفمن كان على بيِّنة من ربه } في المراد بالبينة أربعة أقوال: أحدها: أنها الدين، قاله أبو صالح عن ابن عباس. والثاني: أنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، قاله الضحاك. والثالث: القرآن، قاله ابن زيد. والرابع: البيان، قاله مقاتل. وفي المشار إليه بـ «مَنْ» قولان: أحدهما: أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قاله ابن عباس والجمهور. والثاني: أنهم المسلمون، وهو يخرَّج على قول الضحاك. وفي قوله: { ويتلوه } قولان: أحدهما: يتبعه. والثاني: يقرؤه. وفي هاء «يتلوه» قولان: أحدهما: أنها ترجع إِلى النبي صلى الله عليه وسلم. والثاني: إِلى القرآن، وقد سبق ذكره في قوله:{ فأْتوا بعشرِ سُوَرٍ مثلِهِ مفتريات } [هود 13]. وفي المراد بالشاهد ثمانية أقوال: أحدها: أنه جبريل، قاله ابن عباس، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وعكرمة، وإِبراهيم في آخرين. والثاني: أنه لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يتلو القرآن، قاله علي بن أبي طالب، والحسن، وقتادة في آخرين. والثالث: أنه علي بن أبي طالب. و «يتلوه» بمعنى يتبعه، رواه جماعة عن علي بن أبي طالب، وبه قال محمد بن علي، وزيد بن علي. والرابع: أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم هو شاهد من الله تعالى، قاله الحسين بن علي عليه السلام.