الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ ٱلشَّمْسَ ضِيَآءً وَٱلْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ ٱلسِّنِينَ وَٱلْحِسَابَ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ ذٰلِكَ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ يُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } * { إِنَّ فِي ٱخْتِلاَفِ ٱلَّيلِ وَٱلنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ ٱللَّهُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا وَرَضُواْ بِٱلْحَيٰوةِ ٱلدُّنْيَا وَٱطْمَأَنُّواْ بِهَا وَٱلَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ } * { أُوْلَـٰئِكَ مَأْوَاهُمُ ٱلنَّارُ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ } * { دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ ٱللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }

قوله تعالى: { هو الذي جعل الشمس ضياءً } قرأ الأكثرون: «ضياءً» بهمزة واحدة. وقرأ ابن كثير: «ضئاءً» بهمزتين في كل القرآن، أي: ذات ضياء. { والقمر نوراً } أي: ذات نور. { وقدَّره منازلَ } أي: قدَّر له، فحذف الجار، والمعنى: هيَّأ ويسَّر له منازل. قال الزجاج: الهاء ترجع إِلى «القمر» لأنه المقدّر لعلم السنين والحساب. وقد يجوز أن يعود إِلى الشمس والقمر، فحذف أحدهما اختصاراً. وقال الفراء: إن شئتَ جعلت تقدير المنازل للقمر خاصة، لأن به تُعلمَ الشهور. وإن شئت جعلت التقدير لهما، فاكتفي بذكر أحدهما من صاحبه، كقوله:واللهُ ورسولُه أحقُّ أن يُرْضُوه } [التوبة 62]. قال ابن قتيبة: منازل القمر ثمانية وعشرون منزلاً من أول الشهر إلى ثماني وعشرين ليلة، ثم يستسرُّ. وهذه المنازل، هي النجوم التي كانت العرب تنسب إِليها الأنواء، وأسماؤها عندهم: الشِّرََطان، والبُطَيْن، والثُّرَيَّا، والدَّبَرَان، والهَقْعة، والهَنْعة، والذِّراع، والنَّثْرة، والطَّرْفُ، والجبهة، والزُّبْرة، والصَّرْفة، والعَوَّاء، والسِّماك، والغَفْر، والزُّبَانَى، والإِكليل، والقلب، والشَّوْلَة، والنعائم، والبلدة، وسعد الذَّابح، وسعد بُلَعْ، وسعد السُّعود، وسعد الأخبية، وفَرْغ الدَّلو المقدَّم، وفرغ الدلو المؤخَّر، والرِّشاء وهو الحوت.

قوله تعالى: { ما خلق الله ذلك إِلا بالحق } أي: للحق، من إِظهار صنعه وقدرته والدليل على وحدانيته. { يفصِّل الآيات } قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وحفص عن عاصم: «يفصِّل» بالياء. وقرأ نافع، وابن عامر، وحمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: «نفصِّل الآيات» بالنون، والمعنى: نُبَيِّنُها. { لقوم يعلمون } يستدلُّون بالأمارات على قدرته.

قوله تعالى: { لآيات لقوم يتقون } فيه قولان: أحدهما: يتقون الشرك. والثاني: عقوبةَ الله. فيكون المعنى: إِن الآيات لمن لم يحمله هواه على خلاف ما وضح له من الحق.

قوله تعالى: { لا يرجون لقاءَنا } قال ابن عباس: لا يخافون البعث. { ورضُوا بالحياة الدنيا } اختاروا ما فيها على الآخرة. { واطمأنُّوا بها } آثروها. وقال غيره: ركنوا إِليها، لأنهم لا يؤمنون بالآخرة. { والذين هم عن آياتنا غافلون } فيها قولان:

أحدهما: أنها آيات القرآن ومحمد، قاله ابن عباس.

والثاني: ما ذكره في أول السورة من صنعه، قاله مقاتل. فأما قوله: { غافلون } فقال ابن عباس: مكذِّبون. وقال غيره: مُعْرِضون. قال ابن زيد: وهؤلاء هم الكفار.

قوله تعالى: { بما كانوا يكسبون } قال مقاتل: من الكفر والتكذيب.

قوله تعالى: { يهديهم ربهم بأيمانهم } فيه أربعة أقوال: أحدها: يهديهم إِلى الجنة ثواباً بإيمانهم. والثاني: يجعل لهم نوراً يمشون به بإيمانهم. والثالث: يزيدهم هدى بإيمانهم. والرابع: يثيبهم بإيمانهم. فأما الهداية، فقد سبقت لهم.

قوله تعالى: { تجري من تحتهم الأنهار } أي: تجري بين أيديهم وهم يرونها من علو.

قوله تعالى: { دعواهم فيها } أي: دعاؤهم. وقد شرحنا ذلك في أول [الأعراف: 5].

وفي المراد بهذا الدعاء قولان:

أحدهما: أنه استدعاؤهم ما يشتهون.

السابقالتالي
2