قوله تعالى: { وإِذا أذقنا الناس رحمة } سبب نزولها أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دعا على أهل مكة بالجدب فقحطوا سبع سنين، أتاه أبو سفيان، فقال: ادع لنا بالخصب، فإن أخصبنا صدَّقناك، فدعا لهم، فسُقوا ولم يؤمنوا، ذكره الماوردي. قال المفسرون: المراد بالناس هاهنا: الكفار. وفي المراد بالرحمة والضراء ثلاثة أقوال: أحدها: أن الرحمة: العافية والسرور، والضراء: الفقر والبلاء، قاله ابن عباس. والثاني: الرحمة: الإِسلام، والضراء: الكفر، وهذا في حق المنافقين، قاله الحسن. والثالث: الرحمة: الخصب، والضراء: الجدب، قاله الضحاك. وفي المراد بالمكر هاهنا أربعة أقوال: أحدها: أنه الاستهزاء والتكذيب، قاله مجاهد، ومقاتل. والثاني: أنه الجحود والرد، قاله أبو عبيدة. والثالث: أنه إِضافة النعم إِلى غير الله، فيقولون: سُقينا بنوء كذا، قاله مقاتل بن حيان. والرابع: أن المكر: النفاق، لأنه إِظهار الإِيمان وإِبطان الكفر، ذكره الماوردي. قوله تعالى: { قل الله أسرع مكراً } أي: جزاءً على المكر. { إنَّ رسلنا } يعني الحفظة { يكتبون ما تمكرون } أي: يحفظون ذلك لمجازاتكم عليه. وقرأ يعقوب إِلا رويساً وأبا حاتم، وأبان عن عاصم: «يمكرون» بالياء.