الرئيسية - التفاسير


* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَانَ ٱلضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَآ إِلَىٰ ضُرٍّ مَّسَّهُ كَذٰلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }

قوله تعالى: { وإِذا مسَّ الإِنسان الضرُّ } اختلفوا فيمن نزلت على قولين: أحدهما: أنها نزلت في أبي حذيفة، واسمه هاشم بن المغيرة بن عبد الله المخزومي، قاله ابن عباس، ومقاتل. والثاني: أنها نزلت في عتبة بن ربيعة، والوليد بن المغيرة، قاله عطاء. و «الضر» الجهد والشّدة. واللام في قوله: { لجنبه } بمعنى «على». وفي معنى الآية قولان: أحدهما: إِذا مسه الضر دعا على جنبه، أو دعا قاعداً، أو دعا قائماً، قاله ابن عباس. والثاني: إِذا مسه الضر في هذه الأحوال، دعا، ذكره الماوردي.

قوله تعالى: { فلما كشفنا عنه ضُرَّه مَرَّ } فيه ثلاثة أقوال:

أحدها: أعرض عن الدعاء، قاله مقاتل. والثاني: مَرَّ في العافية على ما كان عليه قبل أن يُبتلى، ولم يتَّعظ بما يناله، قاله الزجاج. والثالث: مَرَّ طاغياً على ترك الشكر.

قوله تعالى: { كأن لم يَدْعُنَا } قال الزجاج: «كأن» هذه مخففة من الثقيلة، المعنى: كأنه لم يدعنا، قالت الخنساء:
كَأَنْ لم يكونوا حِمىً يُتَّقَى   إِذ النَّاسُ إِذْ ذَاكَ مَنْ عَزَّ بَزَّا
قوله تعالى: { كذلك زُيِّنَ للمسرفين } المعنى: كما زُيّن لهذا الكافر الدعاء عند البلاء، والإِعراض عند الرَّخاء، كذلك زُيّن للمسرفين، وهم المجاوزون الحدَّ في الكفر والمعصية، عملُهم.