الرئيسية - التفاسير


* تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ) مصنف و مدقق


{ إِذَا زُلْزِلَتِ ٱلأَرْضُ زِلْزَالَهَا } * { وَأَخْرَجَتِ ٱلأَرْضُ أَثْقَالَهَا } * { وَقَالَ ٱلإِنسَانُ مَا لَهَا } * { يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا } * { بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا } * { يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ ٱلنَّاسُ أَشْتَاتاً لِّيُرَوْاْ أَعْمَالَهُمْ } * { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ } * { وَمَن يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ }

العامل في: { إذا } على قول جمهور النحاة, وهو الذي يقتضيه القياس فعل مضمر يقتضيه المعنى وتقديره: تحشرون أو تجازون، ونحو هذا، ويمتنع أن يعمل فيه { زلزلت } لأن { إذا } مضافة إلى { زلزلت } ، ومعنى الشرط فيها ضعيف وقال بعض النحويين: يجوز أن يعمل فيها { زلزلت } ، لأن معنى الشرط لا يفارقها، وقد تقدمت نظائرها في غير سورة، و { زلزلت } معناه: حركت بعنف، ومنه الزلزال، وقوله تعالى: { زلزالها } أبلغ من قوله: زلزال، دون إضافة إليها، وذلك أن المصدر غير مضاف يقع على كل قدر من الزلزال وإن قل، وإذا أضيفت إليها وجب أن يكون على قدر ما يستحقه ويستوجبه جرمها وعظمها، وهكذا كما تقول: أكرمت زيداً كرامة فذلك يقع على كل كرامة وإن قلت بحسب زيد، فإذا قلت كرامته أوجبت أنك قد وفيت حقه، وقرأ الجمهور: " زِلزالها " بكسر الزاي الأولى، وقرأ بفتحها عاصم الجحدري، وهو أيضاً مصدر كالوسواس وغيره. و " الأثقال ": الموتى الذين في بطنها قاله ابن عباس، وهذه إشارة إلى البعث، وقال قوم من المفسرين منهم منذر بن سعيد الزجاج والنقاش: أخرجت موتاها وكنوزها.

قال القاضي أبو محمد: وليست القيامة موطناً لإخراج الكنوز، وإنما تخرج كنوزها وقت الدجال، و " قول الإنسان ما لها " هو قول على معنى التعجب من هول ما يرى، قال جمهور المفسرين: { الإنسان } هنا يراد به الكافر، هذا متمكن لأنه يرى ما لم يظن به قط ولا صدقه، وقال بعض المتأولين هو عام في المؤمن والكافر، فالكافر على ما قدمناه، والمؤمن وإن كان قد آمن بالبعث فإنه استهول المرأى، وقد قال صلى الله عليه وسلم: " ليس الخبر كالمعاينة " و " أخبار الأرض " قال ابن مسعود والثوري وغيره: هو شهادتهما بما عمل عليها من عمل صالح أو فاسد، فالحديث على هذا حقيقة، والكلام بإدراك وحياة يخلقها الله تعالى، وأضاف الأخبار إليها من حيث وعتها وحصلتها، وانتزع بعض العلماء من قوله تعالى: { تحدث أخبارها } أن قول المحدث: حدثنا وأخبرنا سواء، وقال الطبري وقوم: التحديث في الآية مجاز، والمعنى أن ما تفعله بأمر الله من إخراج أثقالها وتفتت أجزائها وسائر أحوالها هو بمنزلة التحديث بأنبائها وأخبارها، ويؤيد القول الأول قول النبي صلى الله عليه وسلم: " فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء، إلا شهد له يوم القيامة " ،وقرأ عبد الله بن مسعود: " تنبىء أخبارها " ، وقرأ سعيد بن جبير: " تبين " وقوله تعالى: { بأن ربك أوحى لها } الباء باء السبب، وقال ابن عباس وابن زيد والقرظي المعنى: { أوحى لها } ، وهذا الوحي على هذا التأويل يحتمل أن يكون وحي إلهام، ويحتمل أن يكون وحياً برسول من الملائكة، وقد قال الشاعر:

السابقالتالي
2 3