هذه الآية تقوي مذهب من رأى أن هذه والتي قبلها إنما مقصودها الحض على الهجرة، وفي ضمن قوله: { فتربصوا } وعيد بين، وقوله { بأمره } قاله الحسن الإشارة إلى عذاب أو عقوبة من الله، وقال مجاهد: الإشارة إلى فتح مكة، والمعنى فإذا جاء الله بأمره فلم تسلبوا ما يكون لكم أجراً ومكانة في الإسلام. قال القاضي أبو محمد: وذكر الأبناء في الآية لما جلبت ذكرهم المحبة، والأبناء صدر في المحبة وليسوا كذلك في أن تتبع آراؤهم كما في الآية المتقدمة، وقرأ جهور الناس " وعشيرتكم " ، وقرأ عاصم وحده بخلاف عنه وأبو رجاء وأبو عبد الرحمن وعصمة " وعشيراتكم " ، وحسن هذا الجمع إذ لكل أحد عشيرة تختص به، ويحسن الإفراد أن أبا الحسن الأخفش قال إنما تجمع العرب عشائر ولا تكاد تقول عشيرات، و { اقترفتموها } معناه اكتسبتموها، وأصل الاقتراف والمقارفة مقاربة الشيء، { وتجارة تخشون كسادها } بيّن في أنواع المال، وقال ابن المبارك: الإشارة إلى البنات اللواتي لا يتزوجن لا يوجد لهن خاطب { ومساكن } جمع مسكن بفتح الكاف مفعل من السكنى، وما كان من هذا معتل الفاء فإنما يأتي على مفعل بكسر العين كموعد وموطن، والمساكن القصور والدور، و { أحب } خبر كان، وكان الحجاج بن يوسف يقرؤها " أحبُّ " بالرفع وله في ذلك خبر مع يحيى بن يعمر سأله الحجاج هل تسمعني الجن قال نعم في هذا الحرف، وذكر له رفع أحب فنفاه. قال القاضي أبو محمد: وذلك خارج في العربية على أن يضمر في كان الأمر والشأن ولم يقرأ بذلك، وقوله { والله لا يهدي القوم الفاسقين } عموم لفظ يراد به الخصوص فيمن يوافي على فسقه، أو عموم مطلق على أنه لا هداية من حيث الفسق.