الرئيسية - التفاسير


* تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلرَّجْعِ } * { وَٱلأَرْضِ ذَاتِ ٱلصَّدْعِ } * { إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ } * { وَمَا هوَ بِٱلْهَزْلِ } * { إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً } * { وَأَكِيدُ كَيْداً } * { فَمَهِّلِ ٱلْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً }

{ السماء } في هذا القسم يحتمل أن تكون المعرفة، ويحتمل أن تكون السحاب، و { الرجع } المطر وماؤه، ومنه قول الهذلي: [السريع]

أبيض كالرجع وسوب إذا   ما شاخ من محتفل يختلي
وقال ابن عباس: { الرجع } ، السحاب فيه المطر، قال الحسن: لأنه يرجع بالرزق كل عام، قال غيره لأنه يرجع إلى الإرض، وقال ابن زيد: { الرجع } مصدر رجوع الشمس والقمر والكواكب من حال إلى حال، ومنه منزلة تذهب وترجع، و { الصدع }: النبات، لأن الأرض تتصدع عنه، وهذا قول من قال: إن { الرجع } المطر، وقال مجاهد: { الصدع }: ما في الأرض من شعاب ولصاب وخندق وتشقق بحرث وغيره، وهي أمور فيها معتبر، وهذا قول يناسب القول الثاني في { الرجع } ، والضمير في { إنه } للقرآن ولم يتقدم له ذكر، من حيث القول في جزء منه والحال تقتضيه، و { فصل }: معناه جزم فصل الحقائق من الأباطيل، و " الهزل ": اللعب الباطل، ثم أخبر تعالى عن قريش { إنهم يكيدون } في أفعالهم وأقوالهم وتمرسهم بالنبي صلى الله عليه وسلم وتدبرهم رد أمره، ثم قوى ذلك بالمصدر وأكده وأخبر عن أنه يفعل بهم عقاباً سماه { كيداً } على العرف في تسمية العقوبة باسم الذنب، ثم ظهر من قوله تعالى: { فمهل الكافرين } أن عقابه لهم الذي سماه: { كيداً } ، متأخر حتى ظهر ببدر وغيره، وقرأ جمهور الناس: " أمهلهم " ، وقرأ ابن عباس: " مهلهم " ، وفي هذه الآية موادعة نسختها آية السيف، وقوله تعالى: { رويداً } معناه: قليلاً، قاله قتادة، وهذه حال هذه اللفظة إذا تقدمها شيء تصفه كقولك سر رويداً وتقدمها فعل يعمل فيها كهذه الآية، وأما إذا ابتدأت بها فقلت: رويداً يا فلان، فهي بمعنى الأمر بالتماهل يجري مجرى قولهم: صبراً يا زيد، وقليلاً عمرو.