الرئيسية - التفاسير


* تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلْبُرُوجِ } * { وَٱلْيَوْمِ ٱلْمَوْعُودِ } * { وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ } * { قُتِلَ أَصْحَابُ ٱلأُخْدُودِ } * { ٱلنَّارِ ذَاتِ ٱلْوَقُودِ } * { إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ } * { وَهُمْ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ } * { وَمَا نَقَمُواْ مِنْهُمْ إِلاَّ أَن يُؤْمِنُواْ بِٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ } * { ٱلَّذِي لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ }

اختلف الناس في { البروج } ، فقال الضحاك وقتادة: هي القصور، ومنه قول الأخطل: [البسيط]

كأنها برج رومي يشيّده   لز بجص وآجر وأحجار
وقال ابن عباس: { البروج }: النجوم، لأنها تتبرج بنورها، والتبرج: التظاهر والتبدي، وقال الجمهور وابن عباس أيضاً: { البروج } هي المنازل التي عرفتها العرب وهي اثنا عشر على ما قسمته العرب وهي التي تقطعها الشمس في سنة، والقمر في ثمانية وعشرين يوماً، وقال قتادة معناه: ذات الرمل، والسماء يريد أنها مبنية في السماء، وهذا قول ضعيف، { واليوم الموعود } هو يوم القيامة باتفاق، قاله النبي صلى الله عليه وسلم، ومعناه: الموعود به، وقوله: { ومشهود } ، معناه: عليه أو له أو فيه، وهذا يترتب بحسب الحساب في تعيين المراد بـ " شاهد ومشاهد " ، فقد اختلف الناس في المشار إليه بهما فقال ابن عباس: الشاهد الله تعالى، والمشهود يوم القيامة، وقال ابن عباس والحسن بن علي وعكرمة: الشاهد محمد صلى الله عليه وسلم، والمشهود يوم القيامة، قال الله تعالى:إنا أرسلناك شاهداً } [الأحزاب: 45، الفتح: 8]، وقال في يوم القيامةوذلك يوم مشهود } [هود: 103]، وقال مجاهد وعكرمة أيضاً: الشاهد آدم وجميع ذريته، والمشهود يوم القيامة، فـ { شاهد } اسم جنس على هذا، وقال بعض من بسط قول مجاهد وعكرمة: { شاهد } أراد به رجل مفرد أو نسمة من النسم، ففي هذا تذكير بحقارة المسكين ابن آدم، والمشهود يوم القيامة، وقال الحسن بن أبي الحسن وابن عباس أيضاً: الشاهد يوم عرفة، ويوم الجمعة، والمشهود يوم القيامة، وقال ابن عباس وعلي وأبو هريرة والحسن وابن المسيب وقتادة: { شاهد } يوم الجمعة، { ومشهود } يوم عرفة، وقال ابن عمر: { شاهد } يوم الجمعة، { ومشهود } يوم النحر، وقال جابر: { شاهد } يوم الجمعة، { ومشهود } الناس، وقال محمد بن كعب: الشاهد أنت يا ابن آدم، والمشهود الله تعالى، وقال ابن جبير بالعكس، وتلا:وكفى بالله شهيداً } [النساء: 79-166، الفتح: 28]، وقال أبو مالك: الشاهد عيسى، والمشهود أمته، قال الله تعالى:وكنت عليهم شهيداً } [المائدة: 117] قال ابن المسيب: { شاهداً } يوم التروية، { ومشهود } يوم عرفة، وقال بعض الناس في كتاب النقاش: الشاهد يوم الأثنين والمشهود يوم الجمعة، وذكره الثعلبي، وقال علي بن أبي طالب: الشاهد يوم عرفة، والمشهود يوم النحر، وعنه أيضاً: { شاهد } يوم القيامة { ومشهود } يوم عرفة. " وقال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: { شاهد } يوم الجمعة { ومشهود } يوم عرفة " قاله علي وأبو هريرة والحسن، وقال إبراهيم النخعي: الشاهد يوم الأضحى والمشهود يوم عرفة.

قال القاضي أبو محمد: ووصف هذه الأيام بـ { شاهد } لأنها تشهد لحاضريها بالأعمال، والمشهود فيما مضى من الأقوال بمعنى المشاهد بفتح الهاء، وقال الترمذي: الشاهد الملائكة الحفظة، والمشهود عليهم الناس، وقال عبد العزيز بن يحيى عند الثعلبي: الشاهد محمد، والمشهود عليهم أمته نحو قوله تعالى:

السابقالتالي
2 3