الرئيسية - التفاسير


* تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلنَّازِعَاتِ غَرْقاً } * { وَٱلنَّاشِطَاتِ نَشْطاً } * { وَٱلسَّابِحَاتِ سَبْحاً } * { فَٱلسَّابِقَاتِ سَبْقاً } * { فَٱلْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً } * { يَوْمَ تَرْجُفُ ٱلرَّاجِفَةُ } * { تَتْبَعُهَا ٱلرَّادِفَةُ } * { قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ } * { أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ } * { يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي ٱلْحَافِرَةِ } * { أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً نَّخِرَةً }

قال ابن مسعود وابن عباس: { النازعات } ، الملائكة تنزع نفوس بني آدم، و { غرقاً } على هذا القول إما أن يكون مصدر بمعنى الإغراق والمبالغة في الفعل، وإما أن يكون كما قال علي وابن عباس: تغرق نفوس الكفرة في نار جهنم، وقال السدي وجماعة: { النازعات }: النفوس تنزع بالموت إلى ربها، و { غرقاً } هنا بمعنى الإغراق أي تغرق في الصدر، وقال عطاء فيما روي عنه: { النازعات } الجماعات النازعات بالقسي، و { غرقاً } بمعنى الإغراق، وقال الحسن وقتادة وأبو عبيدة وابن كيسان والأخفش { النازعات }: النجوم لأنها تنزع من أفق إلى أفق، وقال قتادة: { النازعات } ، النفوس التي تحن إلى أوطانها وتنزع إلى مذاهبها ولها نزاع عند الموت، وقال مجاهد: { النازعات } المنايا لأنها تنزع نفوس الحيوان، وقال عطاء وعكرمة: { النازعات } القسي أنفسها لأنها تنزع بالسهام. واختلف المتأولون في { الناشطات } ، فقال ابن عباس ومجاهد: هي الملائكة لأنها تنشط النفوس عند الموت، أي تحلها كحل العقال وتنشط بأمر الله أي حيث كان، وقال مجاهد: { النشاطات }: المنايا، وقال ابن عباس أيضاً وقتادة والأخفش والحسن: { الناشطات } النجوم لأنها تنشط من أفق إلى أفق، أي تذهب وتسير بسرعة، ومن ذلك قيل البقر الوحش النواشط لأنهن يذهبن بسرعة من موضع إلى آخر، وقال عطاء: { الناشطات } في الآية: البقرة الوحشية وما جرى مجراها من الحيوان الذي ينشط من قطر إلى قطر، ومن هذا المعنى قول الشاعر [همان بن قحافة]: [الرجز]

أرى همومي تنشط المناشطا   الشام بي طوراً وطوراً واسطا
وكأن هذه اللفظة في هذا التأويل مأخوذة من النشاط، وقال عطاء أيضاً وعكرمة: { الناشطات } الأوهان. ويقال: نشطت البعير والإنسان إذا ربطته ونشطته: إذا حللته، وحكاه الفراء وخولف فيه ومنه الحديث " كأنما أنشط من عقال " ،وقال ابن عباس أيضاً: { الناشطات } النفوس المؤمنة تنشط عند الموت للخروج، و " السبح ": العوم في الماء، وقد يستعمل مجازاً في خرق الهواء والتقلب فيه، واختلف في { السابحات } في الآية، فقال قتادة والحسن: هي النجوم لأنها تسبح في فلك، وقال مجاهد وعلي رضي الله عنه: هي الملائكة لأنها تتصرف في الآفاق بأمر الله تجيء وتذهب، وقال أبو روق: { السابحات } الشمس والقمر والليل والنهار، وقال بعض المتأولين: { السابحات }: السماوات، لأنها كالعائمة في الهواء، وقال عطاء وجماعة: { السابحات }: الخيل، ويقال للفرس: سابح، وقال آخرون: { السابحات } الحيتان، دواب البحر فما دونها وذلك من عظيم المخلوقات، فروي أن الله تعالى بث في الدنيا ألف نوع من الحيوان، منها أربعمائة في البر وستمائة في البحر، وقال عطاء أيضاً: { السابحات }: السفن، وقال مجاهد أيضاً: { السابحات }: المنايا تسبح في نفوس الحيوان، واختلف الناس في { السابقات } ، فقال مجاهد: هي الملائكة، وقيل الرياح وقال عطاء هي الخيل، وقيل: النجوم، وقيل المنايا تسبق الآمال، وقال الشاعر[عدي بن زيد]: [الخفيف]

السابقالتالي
2 3