الرئيسية - التفاسير


* تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُواْ تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ } * { فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ } * { فَإِذَا هُم بِٱلسَّاهِرَةِ } * { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ } * { إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ طُوًى } * { ٱذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ } * { فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَىٰ أَن تَزَكَّىٰ } * { وَأَهْدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخْشَىٰ } * { فَأَرَاهُ ٱلآيَةَ ٱلْكُبْرَىٰ } * { فَكَذَّبَ وَعَصَىٰ } * { ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَىٰ } * { فَحَشَرَ فَنَادَىٰ } * { فَقَالَ أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ }

ذكر الله تعالى عنهم قولهم: { تلك إذاً كرة خاسرة } وذلك أنهم لتكذيبهم بالبعث، وإنكارهم، قالوا: لو كان هذا حقاً، لكانت كرتنا ورجعتنا خاسرة وذلك لهم إذ هي النار، وقال الحسن: { خاسرة } معناه: كاذبة أي ليست بكائنة، وروي أن بعض صناديد مكة قال ذلك، ثم أخبر الله تعالى عن حال القيامة، فقال { فإنما هي زجرة واحدة } ، أي نفخة في الصور فإذا الناس قد نشروا وصاروا أحياء على وجه الأرض، وفي قراءة عبد الله " فإنما هي رقة واحدة " و { الساهرة }: وجه الأرض، ومنه قول أمية بن أبي الصلت: [الوافر]

وفيها لحم ساهرة وبحر   وما فاهوا به فلهم مقيم
وقال وهب بن منبه: { الساهرة }: جبل بالشام يمده الله لحشر الناس يوم القيامة كيف شاء، وقال أبو العالية وسفيان: { الساهرة }: أرض قريبة من بيت المقدس، وقال قتادة: { الساهرة }: جهنم، لأنه لا نوم لمن فيها وقال ابن عباس: { الساهرة }: أرض مكة، وقال الزهري: { الساهرة }: الأرض كلها، ثم وقف تعالى نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم على جهة جمع النفس لتلقي الحديث، فقال: { هل أتاك حديث موسى } الآية، و " الوادي المقدس ": واد بالشام، قال منذر بن سعيد: هو بين المدينة ومصر، وقرأ الحسن بن أبي الحسن والأعمش وابن إسحاق: " طِوىً " بكسر الطاء منونة، ورويت عن عاصم، وقرأ الجمهور: " طُوى " بضمها، وأجرى بعض القراء " طوى " وترك إجراءه ابن كثير وأبو عمرو ونافع وجماعة، وقد تقدم شرح اللفظة في سورة طه، وقوله تعالى: { اذهب إلى فرعون } تفسير النداء الذي ناداه به، ويحتمل أن يكون المعنى قال { اذهب } وفي هذه الألفاظ استدعاء حسن، وذلك أنه أمر أن يقول به: { هل لك أن تزكى } ، وهذا قول جواب كل عاقل عنده نعم أريد أن أتزكى، والتزكي هو التطهر من النقائص، والتلبس بالفضائل، وفسر بعضهم: { تزكى } بتسلم وفسرها بقول: لا إله إلا الله، وهذا تخصيص وما ذكرناه يعم جميع هذا، وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو بخلاف عنه: " تزّكى " بشد الزاي، وقرأ الباقون " تزَكى " بتخفيف الزاي، ثم أمر موسى أن يفسر له التزكي الذي دعاه إليه بقوله: { وأهديك إلى ربك فتخشى } ، والعلم تابع للهدى والخشية تابعة للعلم،إنما يخشى الله من عباده العلماء } [فاطر:28]، و { الآية الكبرى }: العصا واليد، قاله مجاهد وغيره، وهما نصب موسى للتحدي فوقعت المعارضة في الواحدة وانقلب فيها فريق الباطل، وقال بعض المفسرين: { أدبر يسعى } حقيقة قام من موضعه مولياً فاراً بنفسه عن مجالسة موسى عليه السلام، وقال مجاهد: { أدبر } كناية عن إعراضه عن الإيمان، و { يسعى } معناه: يتحذم حل أمر موسى عليه السلام والرد في وجه شرعه، وقوله { فحشر } معناه: جمع أهل مملكته ثم ناداهم بقوله: { أنا ربكم الأعلى } وروي عن ابن عباس أنه قال: المعنى: فنادى فحشر، وقوله: { أنا ربكم الأعلى } نهاية في المخرقة ونحوها باق في ملوك مصر وأتباعهم.