الرئيسية - التفاسير


* تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱنطَلِقُوۤاْ إِلَىٰ مَا كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } * { ٱنطَلِقُوۤاْ إِلَىٰ ظِلٍّ ذِي ثَلاَثِ شُعَبٍ } * { لاَّ ظَلِيلٍ وَلاَ يُغْنِي مِنَ ٱللَّهَبِ } * { إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَٱلْقَصْرِ } * { كَأَنَّهُ جِمَٰلَتٌ صُفْرٌ } * { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } * { هَـٰذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ } * { وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ } * { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ } * { هَـٰذَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ جَمَعْنَٰكُمْ وَٱلأَوَّلِينَ } * { فَإِن كَانَ لَكمُ كَيْدٌ فَكِيدُونِ } * { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ }

الضمير في قوله: { انطلقوا } ، هوللمكذبين } [الإنسان: 19-24] الذين لهم الويل يقال لهم { انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون } من عذاب الآخرة، ولا خلاف في كسر اللام من قوله { انطلقوا } في هذا الأمر الأول، وقرأ يعقوب في رواية رويس " انطلَقوا إلى ظل " بفتح اللام على معنى الخبر، وقرأ جمهور الناس " انطِلقوا " بسكر اللام على معنى تكرار، الأمر الأول وبيان المنطلق إليه، وقال عطاء الظل الذي له { ثلاث شعب } هو دخان جهنم، وروي أنه يعلو من ثلاثة مواضع يراه الكفار فيظنون أنه مغن فيهرعون إليه فيجدونه على أسوأ وصف. وقال ابن عباس: المخاطبة إنما تقال يومئذ لعبدة الصليب إذا اتبع كل واحد ما كان يعبد فيكون المؤمنون في ظل الله ولا ظل إلا ظله، ويقال لعبدة الصليب { انطلقوا إلى ظل } معبودكم وهو الصليب وله { ثلاث شعب } ، والتشعب تفرق الجسم الواحد فرقاً ثم نفى عنه تعالى محاسن الظل، والضمير في { إنها } لجهنم وقرأ عيسى بن عمر " بشرار " بألف جمع شرارة وهي لغة تميم، و " القصر " في قول ابن عباس وجماعة من المفسرين اسم نوع القصور وهو إلا دوراً لكبار مشيدة، وقد شبهت العرب بها النوق ومن المعنى قول الأخطل: [البسيط]

كأنها برج رومي يشيده   لز بجص وآجر وجيار
وقال ابن عباس أيضاً: " القصر ": خشب كان في الجاهلية يقطع من جزل الحطب من النخل وغيره على قدر الذراع وفوقه ودونه يستعد به للشتاء يسمى " القَصَر " واحده قصرة وهو المراد في الآية، وإنما سمي القَصَّار لأنه يخبط بالقصرة، وقال مجاهد: " القصر " حزم الحطب. وهذه قراءة الجمهور، وقرأ ابن عباس وابن جبير " القَصَر " جمع قصرة وهي أعناق النخل والإبل وكذلك أيضاً هي في الناس، وقال ابن عباس جذور النخل، وقرأ ابن جبير أيضاً والحسن: " كالقِصَر " بسكر القاف وفتح الصاد، وهي جمع قصرة كحلقة وحلق من الحديد، واختلف الناس في " الجمالات " ، فقال جمهور من المفسرين: هو جمع جمال على تصحيح البناء كرجال ورجالات، وقال آخرون أراد بـ " الصفر " السود، وأنشد على ذلك بيت الأعشى: [الخفيف]

تلك خيلي منه، وتلك ركابي   هن صفر أولادها كالزبيب
وقال جمهور الناس: بل " الصفر " الفاقعة لأنها أشبه بلون الشرر بالجمالات، وقرأ الحسن " صُفُر " بضم الصاد والفاء، وقال ابن عباس وابن جبير: " الجمالات " قلوس من السفن وهي حبالها العظام إذا جمعت مستديرة بعضها إلى بعض جاء منها أجرام عظام، وقال ابن عباس: " الجمالات " قطع النحاس الكبار وكان اشتقاق هذه من اسم الجملة، وقرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم " جِمالة " بكسر الجيم لحقت التاء جمالاً لتأنيث الجمع فهي كحجر وحجارة، وقرأ ابن عباس وأبو عبد الرحمن والأعمش: " جُمالة " بضم الجيم، وقرأ باقي السبعة والجمهور وعمر بن الخطاب " جمالات " على ما تفسر بكسر الجيم، وقرأ ابن عباس أيضاً وقتادة وابن جبير والحسن وأبو رجاء بخلاف عنهم " جُمالات " بضم الجيم، واختلف عن نافع وأبي جعفر وشيبة وكان ضم الجيم فيهما من الجملة لا من الجمل وكسرها من الجمل لا من الجملة.

السابقالتالي
2