الرئيسية - التفاسير


* تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْمُرْسَلاَتِ عُرْفاً } * { فَٱلْعَاصِفَاتِ عَصْفاً } * { وٱلنَّاشِرَاتِ نَشْراً } * { فَٱلْفَارِقَاتِ فَرْقاً } * { فَٱلْمُلْقِيَٰتِ ذِكْراً } * { عُذْراً أَوْ نُذْراً } * { إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَٰقِعٌ } * { فَإِذَا ٱلنُّجُومُ طُمِسَتْ } * { وَإِذَا ٱلسَّمَآءُ فُرِجَتْ } * { وَإِذَا ٱلْجِبَالُ نُسِفَتْ } * { وَإِذَا ٱلرُّسُلُ أُقِّتَتْ } * { لأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ } * { لِيَوْمِ ٱلْفَصْلِ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ ٱلْفَصْلِ } * { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ }

قال كثير من المفسرين: { المرسلات } ، الرسل إلى الناس من الأنبياء كأنه قال: والجماعات المرسلات، وقال أبو صالح ومقاتل وابن مسعود: { المرسلات } الملائكة المرسلة بالوحي، وبالتعاقب على العباد طرفي النهار، وقال ابن مسعود أيضاً وابن عباس ومجاهد وقتادة: { المرسلات } ، الرياح، وقال الحسن بن أبي الحسن: { المرسلات } السحاب و { عرفاً } معناه على القول الأول { عرفاً } من الله وإفضالاً على عباده ببعثه الرسل.

ومنه قول الشاعر: [الحطيئة]: [البسيط]

من يفعل الخير لا يعدمْ جوازيَهُ   لا يذهب العرف بين الله والناس
ويحتمل أن يريد بقوله { عرفاً } أي متتابعة على التشبيه بتتابع عرف الفرس وأعراف الجبال ونحو ذلك، والعرب تقول: الناس إلى فلان عرف واحد إذا توجهوا إليه، ويحتمل أن يريد بالعرف أي بالحق، والأمر بالمعروف، وهذه الأقوال في عرف تتجه في قول من قال في { المرسلات } إنها الملائكة، ومن قال إن { المرسلات } الرياح اتجه في العرف القول الأول على تخصيص الرياح التي هي نعمة وبها الأرزاق والنجاة في البحر وغير ذلك مما لا فقه فيه، ويكون الصنف الآخر من الرياح في قوله { فالعاصفات عصفاً } ويحتمل أن يكون بمعنى { والمرسلات } الرياح التي يعرفها الناس ويعهدونها، ثم عقب بذكر الصنف المستنكر الضار وهي { العاصفات } ،ويحتمل أن يريد بالعرف مع الرياح التتابع كعرف الفرس ونحوه، وتقول العرب هب عرف من ريح، والقول في العرف مع أن { المرسلات } هي الرياح يطرد على أن { المرسلات } السحاب، وقرأ عيسى " عُرفاً " بضم الراء، و { العاصفات } من الريح الشديدة العاصفة للشجر وغيره، واختلف الناس في قولهم { والناشرات } فقال مقاتل والسدي هي الملائكة تنشر صحف العباد بالأعمال، وقال ابن مسعود والحسن ومجاهد وقتادة هي الرياح تنشر رحمة الله ومطره، وقال بعض المتأولين: { الناشرات } الرمم الناشرات في بعث يوم القيامة يقال نشرت الميت، ومنه قول الأعشى: [السريع]

يا عجباً للميت الناشر   
وقال آخرون: { الناشرات } التي يجيء بالأمطار تشبه بالميت ينشر، وقال أبو صالح: { الناشرات } الأمطار التي تحيي الأرض، وقال بعض المتأولين: { الناشرات } طوائف الملائكة التي تباشر إخراج الموتى من قبورهم للبعث فكأنهم يحيونهم، و { الفارقات } قال ابن عباس وابن مسعود وأبو صالح ومجاهد والضحاك: هي الملائكة تفرق بين الحق والباطل والحلال والحرام، وقال قتادة والحسن وابن كيسان: { الفارقات } ،آيات القرآن، وأما { الملقيات ذكراً } فهي في قول الجمهور الملائكة. قال مقاتل جبريل وقال آخرون هي الرسل، وقرأ جمهور الناس: " فالملْقيات " بسكون اللام أي تلقيه من عند الله أو بأمره إلى الرسل.

وقرأ ابن عباس فيما ذكر المهدوي، " فالملَقَّيات " بفتح اللام والقاف وشدها، أي تلقيه من قبل الله تعالى، وقرأ ابن عباس أيضاً " فالملَقَّيات " بفتح اللام وشد القاف وكسرها، أي تلقيه هي الرسل، و " الذكر " الكتب المنزلة والشرائع ومضمناتها.

السابقالتالي
2