الرئيسية - التفاسير


* تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ) مصنف و مدقق


{ سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } * { لِّلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ } * { مِّنَ ٱللَّهِ ذِي ٱلْمَعَارِجِ } * { تَعْرُجُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ } * { فَٱصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً } * { إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً } * { وَنَرَاهُ قَرِيباً } * { يَوْمَ تَكُونُ ٱلسَّمَآءُ كَٱلْمُهْلِ } * { وَتَكُونُ ٱلْجِبَالُ كَٱلْعِهْنِ } * { وَلاَ يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً }

قرأ جمهور السبعة: " سأل " بهمزة مخففة، قالوا والمعنى: دعا داع، والإشارة إلى من قال من قريشاللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء } [الأنفال: 32]. وروي أن قائل ذلك النضر بن الحارث، وإلى من قال:ربنا عجل لنا قطنا } [ص: 16]، ونحو هذا، وقال بعضهم المعنى: بحث باحث، واستفهم مستفهم، قالوا والإشارة إلى قول قريش: متى هذا الوعد؟ وما جرى مجراه قاله الحسن وقتادة، فأما من قال استفهم مستفهم فالباء توصل توصيل عن، كأنه قال عن عذاب، وهذا كقول علقمة بن عبدة: [الطويل]

فإن تسألوني بالنساء فإنني   بصير بأدواء النساء طبيب
وقرأ نافع بن عامر: " سال سائل " ساكنة الألف، واختلفت القراءة بها، فقال بعضهم: هي " سأل " المهموزة، إلا أن الهمزة سهلت كما قال لا هناك المرتع ونحو ذلك. وقال بعض هي لغة من يقول سلت أسأل، ويتساولون، وهي بلغة مشهورة حكاها سيبويه، فتجيء الألف منقلبة من الواو التي هي عين كقال وحاق، وأما قول الشاعر [حسان بن ثابت]: [البسيط]

سالت هذيل رسول الله فاحشة   ضلّت هذيل بما سالت ولم تصب
فإن سيبويه قال: هو على لغة تسهيل الهمزة. وقال غيره: هو على لغة من قال: سلت، وقال بعضهم في الآية: هو من سال يسيل: إذا جرى وليست من معنى السؤال، قال زيد بن ثابت: في جهنم واد يسمى سايلاً، والاخبار هاهنا عنه.

قال القاضي أبو محمد: ويحتمل إن لم يصح أمر الوادي أن يكون الإخبار عن نفوذ القدر بذلك العذاب قد استعير له لفظ السيل لما عهد من نفوذ السيل وتصميمه، وقرأ ابن عباس: " سال سيْل " بسكون الياء، وقرأ أبي بن كعب وابن مسعود: " سال سال " مثل قال قال، ألقيت الياء من الخط تخفيفاً، والمراد " سائل ". وسؤال الكفار عن العذاب حسب قراءة الجماعة إنما كان على أنه كذب. فوصفه الله تعالى بأنه { واقع } وعيداً لهم. وقوله تعالى: { للكافرين }. قال بعض النحويين: اللام توصل المعنى توصيل " على ". وروي أنه في مصحف أبي بن كعب: " على الكافرين " ، وقال قتادة والحسن المعنى: كأن قائلاً قال لمن هذا العذاب الواقع؟ فقيل { للكافرين }. و { المعارج } في اللغة الدرج في الأجرام، وهي هنا مستعارة في الرتب والفواضل والصفات الحميدة، قاله قتادة وابن عباس. وقال ابن عباس: { المعارج } السماوات تعرج فيها الملائكة من سماء إلى سماء. وقال الحسن: هي المراقي إلى السماء، وقوله: { تعرج الملائكة } معناه: تصعد على أصل اللفظة في اللغة. { والروح } عند جمهور العلماء: هو جبريل عليه السلام خصصه بالذكر تشريفاً.

السابقالتالي
2 3