الرئيسية - التفاسير


* تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ) مصنف و مدقق


{ يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ ٱلْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ } * { وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ } * { وَفَصِيلَتِهِ ٱلَّتِي تُؤْوِيهِ } * { وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنجِيهِ } * { كَلاَّ إِنَّهَا لَظَىٰ } * { نَزَّاعَةً لِّلشَّوَىٰ } * { تَدْعُواْ مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّىٰ } * { وَجَمَعَ فَأَوْعَىٰ } * { إِنَّ ٱلإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً } * { إِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ جَزُوعاً } * { وَإِذَا مَسَّهُ ٱلْخَيْرُ مَنُوعاً } * { إِلاَّ ٱلْمُصَلِّينَ } * { ٱلَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ دَآئِمُونَ }

{ المجرم } في هذه الآية الكافر بدليل شدة الوعد وذكر { لظى } وقد يدخل مجرم المعاصي فيما ذكر من الافتداء، وقرأ جمهور الناس: " يومئذ " بكسر الميم، وقرأ الأعرج بفتحها، ومن حيث أضيف إلى غير متمكن جاز فيه الوجهان. وقرأ أبو حيوة " من عذابٍ " منوناً " يومَئذ " مفتوح الميم، والصاحبة: هنا الزوجة، والفصيلة في هذه الآية قرابة الرجل الأدنون، مثال ذلك بنو هاشم مع النبي صلى الله عليه وسلم، والفصيلة في كلام العرب: أيضاً الزوجة، ولكن ذكر الصاحبة في هذه الآية لم يبق في معنى الفصيلة إلا الوجه الذي ذكرناه. وقوله { ثم ينجيه } الفاعل هو الفداء الذي تضمنه قوله { لو يفتدي } فهو المتقدم الذكر. وقرأ الزهري " تؤويهُ " و " تنجيهُ " برفع الهاءين، وقوله تعالى: { كلا إنها لظى } رد لقولهم وما ودوه أي ليس الأمر كذلك، ثم ابتدأ الإخبار عن { لظى } وهي طبقة من طبقات جهنم، وفي هذا اللفظ تعظيم لأمرها وهولها. وقرأ السبعة والحسن وأبو جعفر والناس: " نزاعةٌ " بالرفع، وقرأ حفص عن عاصم: " نزاعةً " بالنصب، فالرفع على أن تكون { لظى } بدلاً من الضمير المنصوب، " ونزاعةُ " خبر " إن " أو على إضمار مبتدأ، أي هي نزاعة او على أن يكون الضمير في { إنها } للقصة، و { لظى } ابتداء و " نزاعةٌ " خبره، أو على أن تكون { لظى } خبر و " نزاعةٌ " بدل من { لظى } ، أو على أن تكون { لظى } خبراً و " نزاعةٌ " خبراً بعد خبر. وقال الزجاج: " نزاعةٌ " ، رفع بمعنى المدح.

قال القاضي أبو محمد: وهذا هو القول بأنها خبر ابتداء تقديره هي نزاعة، لأنه إذا تضمن الكلام معنى المدح أو الذم جاز لك القطع رفعاً بإضمار مبتدأ أو نصباً بإضمار فعل. ومن قرأ بالنصب فذلك إما على مدح { لظى } كما قلنا، وإما على الحال من { لظى } لما فيها من معنى التلظي، كأنه قال: كلا إنها النار التي تتلظى نزاعةً، قال الزجاج: فهي حال مؤكدة و: " الشوى " جلد الإنسان، وقيل جلد الرأس الهامة، قاله الحسن. ومنه قول الأعشى: [مجزوء الكامل]

قالت قتيلة ما له   قد جللت شيباً شواته
ورواه أبو عمرو بن العلاء سراته فلا شاهد في البيت على هذه الرواية. قال أبو عبيدة: سمعت أعرابياً يقول اقشعرت شواتي، و " الشوى " أيضاً: قوائم الحيوان، ومنه عبل الشوى، و " الشوى " أيضاً: كل عضو ليس بمقتل، ومنه رمى فأشوى إذا لم يصب المقتل، وقال ابن جرير: " الشوى " العصب والعقب، فنار لظى تذهب هذا من ابن آدم وتنزعه.

السابقالتالي
2