الرئيسية - التفاسير


* تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً ٱلَّذِي لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ٱلنَّبِيِّ ٱلأُمِّيِّ ٱلَّذِي يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَٱتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } * { وَمِن قَوْمِ مُوسَىٰ أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِٱلْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ } * { وَقَطَّعْنَاهُمُ ٱثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً أُمَماً وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ إِذِ ٱسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْحَجَرَ فَٱنبَجَسَتْ مِنْهُ ٱثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلْمَنَّ وَٱلسَّلْوَىٰ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ }

{ قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّى رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِى لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَألأَرْضِ لاَ إِلَهَ إلاَّ هُوَ يُحْىِ وَيُمِيتُ فَئَامِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِىِّ الأُمِّىِّ الَّذِى يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ وَقَطَّعْنَاهُمُ اثنَتَىَ عَشْرَةَ أَسْبَاطاً أُمَماً }

هذا أمر من الله عز وجل لنبيه بإشهار الدعوة والحض على الدخول في الشرع، وذلك أنه لما رجا الأمة المتبعة للنبي الأمي التي كتب لهم رحمته عقب ذلك بدعاء الناس إلى الاتباع الذي معه تحصل تلك المنازل وهذه الآية خاصة لمحمد صلى الله عليه وسلم بين الرسل، فإن محمداً صلى الله عليه وسلم بعث إلى الناس كافة وإلى الجن، قاله الحسن، وتقتضيه الأحاديث، وكل نبي إنما بعث إلى فرقة دون العموم، ثم إنه لما أعلن بالرسالة من عند الله أردف بصفة الله التي تقتضي الإذعان له وهي أنه ملك السموات والأرض بالخلق والإبداع والإحياء والإماتة لا إله إلا هو ولا معبود سواه.

وقوله تعالى: { فآمنوا بالله ورسوله } الآية، هو الحض على اتباع محمد صلى الله عليه وسلم، وقوله: { الذي يؤمن } يريد الذي يصدق { بالله وكلماته } والكلمات هنا الآيات المنزلة من عنده كالتوراة والإنجيل، وقرأ جمهور الناس " كلماته " بالجمع، وقرأ عيسى بن عمر " كلمته " بالإفراد الذي يراد به الجمع، وقرأ الأعمش " الذي يؤمن بالله وآياته " بدل " كلماته " ، وقال مجاهد والسدي: المراد بـ " كلماته " أو " كلمته " عيسى بن مريم، وقوله تعالى: { لعلكم تهتدون } أي على طمعكم وبحسب ما ترونه، وقوله: { واتبعوه } لفظ عام يدخل تحته جميع إلزامات الشريعة جعلنا الله من متبعيه على ما يلزم بمنه ورحمته.

وقوله: { ومن قوم موسى } الآية، { يهدون } معناه يرشدون أنفسهم، وهذا الكلام يحتمل أن يريد به وصف المؤمنين المتقين من بني إسرائيل على عهد موسى وما والاه من الزمن، فأخبر أنه كان في بني إسرائيل على عتوهم وخلافهم من اهتدى واتقى وعدل، ويحتمل أن يريد الجماعة التي آمنت بمحمد صلى الله عليه وسلم من بني إسرائيل على جهة الاستجلاب لإيمان جميعهم، ويحتمل ما روي من أن بني إسرائيل لما تقطعوا مرت أمة منهم واعتزلت ودخلت تحت الأرض فمشت في سرب تحت الأرض سنة ونصف سنة حتى خرجوا وراء الصين، فهم هنالك خلف واد من شهد يقيمون الشرع ويهدون بالحق، قاله السدي وابن جريج، وروي بعضه عن ابن عباس.

قال القاضي أبو محمد: وهذا حديث بعيد، وقرأ بعض من الناس " وقطّعناهم " بشد الطاء، وقرأ أبو حيوة وابن أبي عبلة " وقطَعناهم " بتخفيف الطاء، ورواها أبان عن عاصم، ومعناه فرقناهم من القطع، وقرأ جمهور الناس " عشْرة " بسكون الشين، وهي لغة الحجاز وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش وطلحة بن سليمان بخلاف " عَشرة " بفتح الشين، وقرأت هذه الجماعة أيضاً وطلحة بن مصرف وأبو حيوة " عشِرة " بكسر الشين وهي لغة تميم، وقال أبو حاتم والعجب أن تميماً يخففون ما كان من هذا الوزن أي أهل الحجاز يشبعون وتناقضوا في هذا الحرف، وقوله: { أسباطاً } بدل من { اثنتي }.

السابقالتالي
2