الرئيسية - التفاسير


* تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ) مصنف و مدقق


{ ءَأَمِنتُمْ مَّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ ٱلأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ } * { أَمْ أَمِنتُمْ مِّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ } * { وَلَقَدْ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نكِيرِ } * { أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى ٱلطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَـٰفَّـٰتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ ٱلرَّحْمَـٰنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ } * { أَمَّنْ هَـٰذَا ٱلَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُمْ مِّن دُونِ ٱلرَّحْمَـٰنِ إِنِ ٱلْكَافِرُونَ إِلاَّ فِي غُرُورٍ }

قرأ عاصم وحمزة والكسائي وابن عامر: " أأمنتم " بهمزتين مخففتين دون مد، وقرأ أبو عمرو ونافع: " النشور آمنتم " بمد وهمزة، وقرأ ابن كثير: " النشور وأمنتم " ببدل الهمزة واواً لكونها بعد ضمة وهو بعد الواو. وقوله تعالى: { من في السماء } جار على عرف تلقي البشر أوامر الله تعالى، ونزول القدر بحوادثه وخسف الأرض: أن تذهب سفلاً، و { تمور } معناه: تذهب وتتموج كما يذهب التراب الموار وكما يذهب الدم الموار. ومنه قول الأعرابي: وغادرت التراب موراً، والحاصب: البرد وما جرى مجراه لأنه في اللغة الريح ترمي بالحصباء، ومنه قول الفرزدق: [البسيط]

مستقبلين شمال الريح ترجمهم   بحاصب كنديف القطن منشور
وقرأ جمهور السبعة: " فستعلمون " بالتاء، وقرأ الكسائي وحده: " فسيعلمون بالياء، وقرأ السبعة وغيرهم: " نذير " بغير ياء على طريقهم في الفواصل المشبهة بالقوافي، وقرأ نافع في رواية ورش وحده: " نذيري " بالياء على الأصل، وكذلك في " نكيري " والنكير: مصدر بمعنى الإنكار، والنذير كذلك. ومنه قول حسان بن ثابت: [الوافر]

فأنذر مثلها نصحاً قريشاً   من الرحمن ان قلبت نذيري
ثم أحال على العبرة في أمر { الطير } ، وما أحكم من خلقتها وذلك بين عجز الأصنام والأوثان عنه، و: { صافات } جمع صاقة، وهي التي تبسط جناحيها وتصفهما حتى كأنها ساكنة، وقبض الجناح ضمه إلى الجثة ومنه قول أبي خراش: [الطويل]

يحث الجناح بالتبسط والقبض   
وهاتان حالان للطائر يستريح من إحداهما للأخرى. وقوله تعالى: { ويقبضن } عطف المضارع على اسم الفاعل وذلك جائز كما عطف اسم الفاعل على المضارع في قول الشاعر: [الرجز]

بات يغشِّيها بعضب باتر   يقصد في أسوقها وجائر
وقرأ طلحة بن مصرف: " أمَن " بتخفيف الميم في هذه، وقرأ التي بعدها مثقلة كالجماعة والجند أعوان الرجل على مذاهبه، وقوله تعالى: { إن الكافرون إلا في غرور } خطاب لمحمد بعد تقرير، قل لهم يا محمد { أمن هذا }.