الرئيسية - التفاسير


* تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { قَدْ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَٱللَّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ } * { وَإِذْ أَسَرَّ ٱلنَّبِيُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ ٱللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَـٰذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْخَبِيرُ }

روي في الحديث عن زيد بن أسلم والشعبي وغيرهما ما معناه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أهدى المقوقس مارية القبطية اتخذها سرية، فلما كان في بعض الأيام وهو يوم حفصة بنت عمر، وقيل بل كان في يوم عائشة، " جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت حفصة فوجدها قد مرت إلى زيارة أبيها، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في جاريته فقال معها، فجاءت حفصة فوجدتهما فأقامت خارج البيت حتى أخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مارية وذهبت، فدخلت حفصة غيرى متغيرة اللون فقالت: يا رسول الله أما كان في نسائك أهون عليك مني؟ أفي بيتي وعلى فراشي؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم مترضياً لها: أيرضيك أن أحرمها قالت: نعم، فقال: إني قد حرمتها " قال ابن عباس، وقال مع ذلك والله لا أطؤها أبداً، ثم قال لها: لا تخبري بهذا أحداً، فمن قال إن ذلك كان في يوم عائشة، قال استكتمها خوفاً من غضب عائشة وحسن عشرتها، ومن قال: كان في يوم حفصة، قال استكتمتها لنفس الأمر، ثم إن حفصة رضي الله عنها قرعت الجدار الذي بينها وبين عائشة، وأخبرتها لتسرها بالأمر، ولم ترض إفشاءه إليها حرجاً واستكتمتها، فأوحى الله بذلك إلى نبيه، ونزلت الآية. وروي عن عكرمة أن هذا نزل بسبب شريك التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم، وذكر النقاش نحوه عن ابن عباس، وروى عبد بن عمير عن عائشة " أن هذا التحريم المذكور في الآية، إنما هو بسبب شراب العسل الذي شربه صلى الله عليه وسلم عند زينب بنت جحش، فتمالأت عائشة وحفصة وسودة على أن تقول له: من دنا منها، أكلتَ مغافير، والمغافير صمغ العرفط، وهو حلو ثقيل الريح، ففعلن ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ولكني شربت عسلاً " ، فقلن: جرست نحله العرفط، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا أشربه أبداً " وكان يكره أن توجد منه رائحة ثقيلة، فدخل بعد ذلك على زينب، فقالت: ألا نسقيك من ذلك العسل؟ قال: " لا حاجة لي به " ،قالت عائشة: تقول سودة حين بلغها امتناعه والله لقد حرمتاه. قلت لها: اسكتي.

قال القاضي أبو محمد: والقول الأول إن الآية نزلت بسبب مارية أصح وأوضح، وعليه تفقه الناس في الآية، ومتى حرم رجل مالاً أو جارية دون أن يعتق و يشترط عتقاً أو نحو ذلك، فليس تحريمه بشيء، واختلف العلماء إذ حرم زوجته بأن يقول لها: أنت علي حرام، والحلال علي حرام، ولا يستثني زوجته، فقال مالك رحمه الله: هي ثلاث في المدخول بها، وينوي في غير المدخول بها فهو ما أراد من الواحدة أو الاثنين أو الثلاث، وقال عبد الملك بن الماجشون: هي ثلاث في الوجهين ولا ينوي في شيء.

السابقالتالي
2 3