الرئيسية - التفاسير


* تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ) مصنف و مدقق


{ فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي ٱلْخِيَامِ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ } * { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } * { تَبَارَكَ ٱسْمُ رَبِّكَ ذِي ٱلْجَلاَلِ وَٱلإِكْرَامِ }

{ خيرات } جمع خيرة، وهي أفضل النساء، ومنه قول الشاعر [أنشده الطبري]: [الكامل]

ربلات هند خيرة الملكات   
وقالت أم سلمة: قلت يا رسول الله: أخبرني عن قوله تعالى: { خيرات حسان } قال: " { خيرات } الأخلاق { حسان } الوجوه ".

وقرأ أبو بكر بن حبيب السهمي: " خيِّرات حسان " بشد الياء المكسورة. وقرأ أبو عمرو بفتح الياء.

وقوله: { مقصورات } أي محجوبات. وكانت العرب تمدح النساء بملازمة البيوت، ومنه قول الشاعر [أبو قيس بن الأسلت]: [الطويل]

وتعتل في إتيانهن فتعذر   
يصف أن جارتها يزرنها ولا تزورهن. ويروى أن بيت الأعشى قد ذم وهو قوله: [البسيط]

كأن مشيتها من بين جارتها   مر السحابة لا ريث ولا عجل
فقيل في ذمه: هذه جوالة خراجة ولاجة، ومن مدح القصر قول كثير: [الطويل]

وأنت التي حببت كل قصيرة   إليّ ولم تشعر بذاك القصائر
أريد قصيرات الحجال ولم أرد   قصار الخطى شر النساء البحاتر
قال الحسن: { مقصورات في الخيام } ليس بطوافات في الطرق، و { الخيام }: البيوت من الخشب والثمام وسائر الحشيش، وهي بيوت المرتحلين من العرب، وخيام الجنة بيوت اللؤلؤ. وقال عمر بن الخطاب: هي در مجوف. ورواه ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا كان بيت المسكين عند العرب من شعر فهو بيت، ولا يقال له خيمة، ومن هذا قول جرير: [الوافر]

متى كان الخيام بذي طلوح   سقيت الغيث أيتها الخيام
ومنه قول امرئ القيس: [المتقارب]

أمرخ خيامهم أم عشر   
يستفهم هل هم منجدون أم غائرون لأن العشر مما لا ينبت إلا في تهامة، والمرخ مما لا ينبت إلا في نجد.

والرفرف: ما تدلى من الأسرة من غالي الثياب والبسط: وكذلك قال ابن عباس وغيره: إنها فضول المحابيس والبسط، وقال ابن جبير، الرفرف: رياض الجنة.

قال القاضي أبو محمد: والأول أصوب وأبين، ووجه قول ابن جبير: إنه من رف البيت، إذا تنعم وحسن، وما تدلى حول الخباء من الخرقة الهفافة يسمى رفرفاً، وكذلك يسميه الناس اليوم. وقال الحسن ابن أبي الحسن، الرفرف: المرافق، والعبقري: بسط حسان فيها صور وغير ذلك، تصنع بعبقر، وهو موضع يعمل فيه الوشي والديباج ونحوه قال ابن عباس: العبقري: الزرابي. وقال ابن زيد: هي الطنافس. وقال مجاهد: هي الديباج الغليظ.

وقرأ زهير الفرقبي: " رفارفَ " بالجمع وترك الصرف. وقرأ أبو طمعة المدني: وعاصم في بعض ما روي عنه " رفارفٍ " بالصرف، وكذلك قرأ عثمان بن عفان: " رفارفٍ وعباقرٍ " بالجمع والصرف، ورويت عن النبي صلى الله عليه وسلم وغلط الزجاج والرماني هذه القراءة. وقرأ أيضاً عثمان في بعض ما روي عنه: " عبَاقَر ": بفتح القاف والباء، وهذا على أن اسم الموضع " عبَاقَر " بفتح القاف، والصحيح في اسم الموضع: " عبقر " ، قال الشاعر [امرؤ القيس]: [الطويل]


السابقالتالي
2