الرئيسية - التفاسير


* تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ ٱلْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ } * { يَوْمَ يَسْمَعُونَ ٱلصَّيْحَةَ بِٱلْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ ٱلْخُرُوجِ } * { إِنَّا نَحْنُ نُحْيِـي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا ٱلْمَصِيرُ } * { يَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ } * { نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِٱلْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ }

قوله تعالى: { واستمع } بمنزلة، وانتظر، وذلك أن محمداً صلى الله عليه وسلم لم يؤمر بأن يستمع في يوم النداء، لأن كل من فيه يستمع وإنما الآية في معنى الوعيد للكفار، وقيل لمحمد تحسس وتسمع هذا اليوم وارتقبه، وهذا كما تقول لمن تعده بورود فتح استمع كذا وكذا، أي كن منتظراً له مستمعاً، وعلى هذا فنصب { يوم } إنما هو على المفعول الصريح.

وقرأ ابن كثير: " المنادي " بالياء في الوصل والوقف على الأصل الذي هو ثبوتها، إذ الكلام غير تام وإنما الحذف ابداً في الفواصل، والكلام التام تشبيهاً بالفواصل. وقرأ أبو عمرو ونافع، بالوقف بغير ياء لأن الوقف موضع تغيير، ألا ترى أنها تبدل من التاء فيه الهاء في نحو طلحة وحمزة، ويبدل من التنوين الألف ويضعف فيه الحرف كقولك هذا فرج، ويحذف فيه الحرف في القوافي، وقرأ الباقون وطلحة والأعمش وعيسى بحذف الياء في الوصل والوقف جميعاً وذلك اتباع لخط المصحف، وأيضاً فإن الياء تحذف مع التنوين فوجب أن تحذف مع معاقب التنوين وهي الألف واللام.

وقوله تعالى: { من مكان قريب } قيل وصفه بالقرب من حيث يسمع جميع الخلق. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم: " أن ملكاً ينادي من السماء: أيتها الأجسام الهامدة والعظام البالية والرمم الذاهبة، هلم إلى الحساب الوقوف بين يدي الله ". وقال كعب الأحبار وقتادة وغيرهما: المكان صخرة بيت المقدس واختلفوا في معنى صفته بالقرب فقال قوم: وصفها بذلك لقربها من النبي صلى الله عليه وسلم أي من مكة. وقال كعب الأحبار: وصفه بالقرب من السماء، وروي أنها أقرب الأرض إلى السماء بثمانية عشر ميلاً، وهذا الخبر إن كان بوحي، وألا سبيل للوقوف على صحته. و: { الصيحة } هي صيحة المنادي و: { الخروج } هو من القبور، و: " يومه " هو يوم القيامة، و { يوم الخروج } في الدنيا هو يوم العيد قال حسان بن ثابت: [الكامل]

ولأنت أحسن إذ برزت لنا   يوم الخروج بساحة القصر
من درة أغلى الملوك بهـا   مما تربَّب حائر البحر
وقوله تعالى: { يوم تشقق } العامل في { يوم } ، { المصير }. وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر: " تشّقق " بتشديد الشين. وقرأ الباقون: " تشقق " بتخفيف الشين و: { سراعاً } حال قال بعض النحويين وهي من الضمير في قوله: { عنهم } والعامل في الحال { تشقق } وقال بعضهم التقدير: { يوم تشقق الأرض عنهم } يخرجون { سراعاً } فالحال من الضمير في: " يخرجون " ، والعامل " يخرجون ".

وقوله تعالى: { ذلك حشر علينا يسير } كلام معادل لقول الكفرة:ذلك رجع بعيد } [ق: 3]. وقوله تعالى: { نحن أعلم بما يقولون } وعيد محض للكفرة.

السابقالتالي
2