الرئيسية - التفاسير


* تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ءَايَٰتُنَا بَيِّنَاتٍ مَّا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ٱئْتُواْ بِآبَآئِنَآ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { قُلِ ٱللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } * { وَلِلَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاَعةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ ٱلْمُبْطِلُونَ } * { وَتَرَىٰ كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أمَّةٍ تُدْعَىٰ إِلَىٰ كِتَابِهَا ٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } * { هَـٰذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِٱلْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }

الضمير في: { عليهم } عائد على كفار قريش. والآيات: هي آيات القرآن وحروفه بقرينة قوله: { تتلى } وعابت هذه الآية سوء مقاولتهم، وأنهم جعلوا بدل الحجة التمني المتشطط والطلب لما قد حتم الله أن لا يكون إلا إلى أجل مسمى.

وقرأ الحسن وعمرو بن عبيد وابن عامر فيما روى عنه عبد الحميد، وعاصم فيما روى هارون وحسين عن أبي بكر عنه " حجتُهم " بالرفع على اسم { كان } والخبر في { أن }. وقرأ جمهور الناس " حجتَهم " بالنصب على مقدم واسم { كان } في { أن }.

وكان بعض قريش قد قال: أحي لنا قصياً فإنه كان شيخ صدق حتى نسأله، إلى غير ذلك من هذا النحو، فنزلت الآية في ذلك، وقالوا لمحمد عليه السلام: { ائتوا } من حيث المخاطبة له، والمراد هو وإلهه والملك الوسيط الذي ذكر هولهم، فجاء من ذلك جملة قيل لها { ائتوا } و { إن كنتم }.

ثم أمر تعالى نبيه أن يخبرهم بالحال السالفة في علم الله التي لا تبدل، وهي أنه يحيي الخلق ويميتهم بعد ذلك ويحشرهم بعد إماتتهم { إلى يوم القيامة }.

وقوله: { لا ريب فيه } أي في نفسه وذاته. والأكثر الذي لا يعلم هم الكفار والأكثر هنا على بابه.

وقوله تعالى: { ويوم تقوم الساعة } قالت فرقة: العامل في: { يوم } قوله: { يخسر } وجاء قوله: { يومئذ } بدلاً مؤكداً. وقالت فرقة: العامل في: { يوم } فعل يدل عليه الملك، وذلك أن يوم القيامة حال ثالثة ليست بالسماء ولا بالأرض، لأن ذلك يتبدل، فكأنه قال: { ولله ملك السماوات والأرض } والملك يوم القيامة، وينفرد { يخسر } بالعمل في قوله: { يومئذ } و: { المبطلون } الداخلون في الباطل.

وقوله تعالى: { وترى كل أمة جاثية كل أمة } وصف حال القيامة وهولها. والأمة: الجماعة العظيمة من الناس التي قد جمعها معنى أو وصف شامل لها. وقال مجاهد: الأمة: الواحد من الناس، وهذا قلق في اللغة، وإن قيل في إبراهيم عليه السلام أمة، وقالها النبي عليه السلام في قس بن ساعدة فذلك تجوز على جهة التشريف والتشبيه. و: { جاثية } معناه على الركب، قاله مجاهد والضحاك، وهي هيئة المذنب الخائف المعظم، وفي الحديث: " فجثا عمر على ركبتيه ". وقال سلمان: في القيامة ساعة قدر عشر سنين يخر الجميع فيها جثاة على الركب.

وقرأ جمهور الناس: " كلُّ أمة " بالرفع على الابتداء. وقرأ يعقوب الحضرمي: " كلَّ أمة تدعى " بالنصب على البدل من " كل " الأولى، إذ في " كل " الثانية إيضاح موجب الجثو. وقرأ الأعمش: " وترى كل أمة جاثية تدعى " بإسقاط { كل أمة } الثاني.

واختلف المتأولون في قوله: { إلى كتابها } فقالت فرقة: أراد { إلى كتابها } المنزل عليها فتحاكم إليه هل وافقته أو خالفته.

السابقالتالي
2