الرئيسية - التفاسير


* تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَن لاَّ تَعْلُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِنِّيۤ آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } * { وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَن تَرْجُمُونِ } * { وَإِن لَّمْ تُؤْمِنُواْ لِي فَٱعْتَزِلُونِ } * { فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَـٰؤُلاَءِ قَوْمٌ مُّجْرِمُونَ } * { فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلاً إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ } * { وَٱتْرُكِ ٱلْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ } * { كَمْ تَرَكُواْ مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } * { وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ } * { وَنَعْمَةٍ كَانُواْ فِيهَا فَاكِهِينَ } * { كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ }

المعنى كانت رسالته وقوله:أن أدوا } [الدخان: 18] { وأن تعلوا } وعبر بالعلو عن الطغيان والعتو على الله تعالى وعلى شرعه وعلى رسوله.

وقرأ الجمهور: " إني آتيكم " بكسر الألف على الإخبار المؤكد، والسلطان: الحجة، فكأنه قال: لا تكفروا، فإن الدليل المؤدي إلى الإيمان بيّن. وقرأت فرقة: " أني آتيكم " بفتح الألف. و " أن " في موضع نصب بمعنى: لا تكفروا من أجل أني آتيكم بسلطان مبين، فكأن مقصد هذا الكلام التوبيخ، كما تقول لإنسان: لا تغضب، لأن الحق قيل لك.

وقوله: { وإني عذت } الآية، كلام قاله موسى عليه السلام لخوف لحقه من فرعون وملئه و: { عذت } معناه: استجرت وتحرمت. وأدغم الدال في التاء الأعرج وأبو عمرو.

واختلف الناس في قوله: { أن ترجمون } فقال قتادة وغيره: أراد الرجم بالحجارة المؤدي إلى القتل. وقال ابن عباس وأبو صالح: أراد الرجم بالقول من السباب والمخالفة ونحوه، والأول أظهر، لأنه أعيذ منه ولم يعذ من الآخر، بل قيل فيه عليه السلام وله.

وقوله: { تؤمنوا لي } بمعنى: تؤمنوا بي. والمعنى: تصدقوا. وقوله: { فاعتزلون } مشاركة صريحة. قال قتادة: أراد خلّوا سبيلي.

وقوله: { فدعا ربه } قبله محذوف من الكلام، تقديره: فما كفوا عنه، بل تطرقوا إليه وعتوا عليه وعلى دعوته { فدعا ربه }.

وقرأ الحسن وابن أبي إسحاق وعيسى " إن هؤلاء " بكسر الألف من " إن " على معنى " قال إن " ، وقرأ جمهور الناس والحسن أيضاً: " أن هؤلاء " بفتح الألف، والقراءتان حسنتان.

وحكم عليهم بالإجرام المضمن للكفر حين يئس منهم، وهنا أيضاً محذوف من الكلام تقديره: فقال الله له: { فاسر بعبادي } وهذا هو الأمر الذي أنفذه الله إلى موسى بالخروج من ديار مصر ببني إسرائيل، وقد تقدم شرحه وقصصه في سورة الأنبياء وغيرها.

وقرأ جمهور الناس: " فاسر " موصولة الألف. وقرأ: " فأسر " بقطع الألف: الحسن وعيسى، ورويت عن أبي عمرو. وأعلمه تعالى بأنهم { متبعون } ، أي يتبعهم فرعون وجنوده.

واختلف المفسرون في قوله تعالى: { واترك البحر رهواً }. متى قالها لموسى؟ فقالت فرقة: هو كلام متصل { إنكم متبعون واترك البحر } إذا انفرق لك { رهواً } وقال قتادة وغيره: خوطب به بعد ما اجتاز البحر وخشي أن يدخل فرعون وقومه وراءه، وأن يخرجوا من المسالك التي خرج منها بنو إسرائيل، فهم موسى أن يضرب البحر عسى أن يلتئم ويرجع إلى حاله، فقيل له عند ذلك: { واترك البحر رهواً }.

واختلفت عبارة المفسرين في تفسير الرهو، فقال مجاهد وعكرمة معناه: يبساً من قوله تعالى:فاضرب لهم طريقاً في البحر يبساً } [طه: 77]. وقال الضحاك بن مزاحم معناه: دمثاً ليناً.

السابقالتالي
2