فصلت: { حم } من: { عسق } ، ولم يفعل ذلك بـ{ كهيعص } [مريم: 1] لتجري هذه مجرى الحواميم أخواتها. وقرأ الجمهور: " حم عسق ". وقرأ ابن مسعود وابن عباس: " حم سق " بسقوط عين، والأقوال في هذه كالأقوال في أوائل السور. وروى حذيفة في هذا حديثاً مضمنه: أنه سيكون في هذه الأمة مدينتان يشقهما نهر بالمشرق، تهلك إحداهما ليلاً ثم تصبح الأخرى سالمة، فيجتمع فيها جبابرة المدينتين متعجبين من سلامتها، فتهلك من الليلة القابلة، وأن { حم } معناه: حم هذه الأمر. وعين: معناه عدلاً من الله. وسين: سيكون ذلك. وقاف: معناه يقع ذلك بهم. وروي أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان يستفيد علم الفتن والحروب من هذه الأحرف التي في أوائل السور. والكاف في قوله: { كذلك } نعت لمصدر محذوف، والإشارة بذلك تختلف بحسب الأقوال في الحروف. وقرأ جمهور القراء: " يوحي " بالياء على إسناد الفعل إلى الله تعالى، وهي قراءة الحسن والأعرج وأبي جعفر والجحدري وعيسى وطلحة والأعمش. وقرأ أبو حيوة والأعشى عن أبي بكر عن عاصم: " نوحي ": بنون العظمة، ويكون قوله: { الله } ابتداء وخبره: { العزيز } ويحتمل أن يكون خبره: { له ما في السماوات }. وقرأ ابن كثير وحده: " يوحَى " بالياء وفتح الحاء على بناء الفعل للمفعول، وهي قراءة مجاهد، والتقدير: يوحى إليك القرآن يوحيه الله، وكما قال الشاعر:
ليبك يزيد ضارع لخصومة
ومنه قوله تعالى:{ يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال } [النور: 36]. وقوله تعالى: { وإلى الذين من قبلك } يريد من الأنبياء الذين نزلت عليهم الكتب. وقوله تعالى: { له ما في السماوات } أي الملك والخلق والاختراع. و: { العلي } من علو القدر والسلطان. و: { العظيم } كذلك، وليس بعلو مسافة ولا عظم جرم، تعالى الله عن ذلك وقرأ نافع والكسائي: " يكاد " بالياء. وقرأ ابن كثير وابن عامر وحمزة وأبو عمرو وعاصم: " تكاد " بالتاء. وقرأ ابن كثير وابن عامر وحمزة والكسائي ونافع وابن عباس وأبو جعفر وشيبة وقتادة: " يتفطرون " من التفطر، وهو مطاوع فطرت. وقرأ أبو عمرو وعاصم والحسن والأعرج وأبو رجاء والجحدري: " ينفطرون " من الإفطار وهو مطاوع فطر، والمعنى فيهما: يتصدعن ويتشققن من سرعة جريهن خضوعاً وخشية من سلطان الله تعالى وتعظيماً له وطاعة، وما وقع للمفسرين هنا من ذكر الثقل ونحوه مردود، لأن الله تعالى لا يوصف به. وقوله: { من فوقهن } أي من أعلاهن. وقال الأخفش علي بن سليمان: الضمير للكفار. قال القاضي أبو محمد: المعنى من فوق الفرق والجماعات الملحدة التي من أجل أقوالها تكاد السماوات يتفطرن، فهذه الآية على هذا كالآية التي في: