الرئيسية - التفاسير


* تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰقَومِ لَكُمُ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي ٱلأَرْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ ٱللَّهِ إِن جَآءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَآ أُرِيكُمْ إِلاَّ مَآ أَرَىٰ وَمَآ أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ ٱلرَّشَادِ } * { وَقَالَ ٱلَّذِيۤ آمَنَ يٰقَوْمِ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِّثْلَ يَوْمِ ٱلأَحْزَابِ } * { مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ وَمَا ٱللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعِبَادِ } * { وَيٰقَوْمِ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ ٱلتَّنَادِ } * { يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ }

قول هذا المؤمن: { يا قوم لكم الملك اليوم } استنزال لهم ووعظ لهم من جهة شهواتهم وتحذير من زوال ترفتهم ونصيحة لهم في أمر دنياهم.

وقوله: { في الأرض } يريد في أرض مصر وما والاها من مملكتهم. ثم قررهم على من هو الناصر لهم من بأس الله، وهذه الأقوال تقتضي زوال هيبة فرعون، ولذلك استكان هو ورجع يقول: { ما أريكم إلا ما أرى } كما تقول لمن لا تحكم له.

وقوله: { أريكم } من رأى قد عدي بالهمزة، فللفعل مفعولان أحدهما الضمير في { أريكم } والآخر ما في قوله: { إلا ما } وكأن الكلام أراكم ما أرى، ثم أدخل في صدر الكلام { ما } النافية وقلب معناها بـ { إلا } الموجبة تخصيصاً وتأكيداً للأمر، وهذا كما تقول: قام زيد، فإذا قلت: ما قام إلا زيد أفدت تخصيصه وتأكيد أمره. و { أرى } متعدية إلى مفعول واحد وهو الضمير الذي فيه العائد على { ما } ، تقديره: إلا ما أراه، وحذف هذا المفعول من الصفة حسن لطول الصلة.

وقرأ الجمهور: { الرشاد } مصدر رشد، وفي قراءة معاذ بن جبل: " سبيل الرشّاد " بشد الشين، قال أبو الفتح: وهو اسم فاعل في بنيته مبالغة وهو من الفعل الثلاثي رشد فهو كعباد من عبد. وقال النحاس: هو لحن وتوهمه من الفعل الرباعي وقوله مردود. قال أبو حاتم: كان معاذ بن جبل يفسرها سبيل الله. ويبعد عندي هذا على معاذ رضي الله عنه، وهل كان فرعون إلا يدعي أنه إله، ويقلق بناء اللفظة على هذا التأويل.

واختلف الناس من المراد بقوله: { وقال الذي آمن } فقال جمهور المفسرين: هو المؤمن المذكور أولاً، قص الله تعالى أقاويله إلى آخر الآيات. وقالت فرقة: بل كلام ذلك المؤمن قديم، وإنما أراد تعالى بـ { الذي آمن } موسى عليه السلام، واحتجت هذه الفرقة بقوة كلامه، وأنه جلح معه بالإيمان وذكر عذاب الآخرة وغير ذلك، ولم يكن كلام الأول إلا بملاينة لهم.

وقوله: { مثل يوم الأحزاب } مثل يوم من أيامهم، لأن عذابهم لم يكن في واحد ولا عصر واحد. و { الأحزاب }: المتحزبون على أنبياء الله تعالى، و { مثل } الثاني بدل من الأول. والدأب. العادة.

وقوله: { وما الله يريد ظلماً للعباد } أي من نفسه أن يظلمهم هو عز وجل، فالإرادة هنا على بابها، لأن الظلم منه لا يقع البتة، وليس معنى الآية أن الله لا يريد ظلم بعض العباد لبعض، والبرهان وقوعه، ومحال أن يقع ما لا يريده الله تعالى.

وقوله: { يوم التنادي } معناه ينادي قوم قوماً ويناديهم الآخرون. واختلف المتأولون في { التنادي } المشار إليه، فقال قتادة: هو نداء أهل الجنة أهل النارفهل وجدتم ما وعد ربكم حقاً }

السابقالتالي
2