{ الإنسان } في هذه الآية يراد به الكافر بدلالة ما وصفه به آخراً من اتخاذ الأنداد لله تعالى، وقوله: { تمتع بكفرك قليلاً } وهذه آية بين تعالى بها على الكفار أنهم على كل حال يلجؤون في حال الضرورات إليه وإن كان ذلك عن غير يقين منهم ولا إيمان فلذلك ليس بمعتد به. و { منيباً } معناه مقارباً مراجعاً بصيرته. وقوله تعالى: { ثم إذا خوله نعمة } يحتمل أن يريد النعمة في كشف المذكور، ويحتمل أن يريد نعمة أي نعمة كانت، واللفظ يعم الوجهين: و { خوله } معناه ملكه وحكمه فيها ابتداء لا مجازاة، ولا يقال في الجزاء خول، ومنه الخول، ومنه قول زهير:
هنالك أن يستخولوا المال يخولوا
هذه الرواية الواحدة، ويروى يستخبلوا. وقوله تعالى: { نسي ما كان يدعو إليه من قبل } قالت فرقة: { ما } مصدرية، والمعنى نسي دعاءه إليه في حال الضرر ورجع إلى كفره. وقالت فرقة: بمعنى الذي، والمراد بها الله تعالى، وهذا كنحو قوله:{ ولا أنتم عابدون ما أعبد } [الكافرون: 3 - 5] وقد تقع " ما " مكان " من " فيما لا يحصى كثرة من كلامهم، ويحتمل أن تكون { ما } نافية، ويكون قوله: { نسي } كلاماً تاماً، ثم نفى أن يكون دعاء هذا الكافر خالصاً لله ومقصوداً به من قبل النعمة، أي في حال الضرر، ويحتمل أن تكون { ما } نافية ويكون قوله: { من قبل } يريد به: من قبل الضرر، فكأنه يقول: ولم يكن هذا الكافر يدعو في سائر زمنه قبل الضرر، بل ألجأه ضرره إلى الدعاء. والأنداد: الأضداد التي تضاد وتزاحم وتعارض بعضها بعضاً. قال مجاهد: المراد من الرجال يطيعونهم في معصية الله تعالى. وقال غيره: المراد الأوثان. وقرأ الجمهور: " ليُضل " بضم الياء، وقرأها الباقون: أبو عمرو وعيسى وابن كثير وشبل (بفتحها) ثم أمر تعالى نبيه أن يقول لهم على جهة التهديد قولاً يخاطب به واحداً منهم: { تمتع بكفرك } أي تلذذ به واصنع ما شئت، والقليل: هو عمر هذا المخاطب، ثم أخبره أنه { من أصحاب النار } ، أي من سكانها والمخلدين فيها.