الرئيسية - التفاسير


* تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّـلُ ٱلْمُتَوَكِّلُونَ } * { قُلْ يٰقَوْمِ ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُـمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } * { مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ }

هذا ابتداء احتجاج عليهم بحجة أخرى، وجملتها أن وقفوا على الخالق المخترع، فإذا قالوا إنه الله لم يبق لهم في الأصنام غرض إلا أن يقولوا إنها تنفع وتضر، فلما تقعد من قولهم إن الله هو الخالق، قيل لهم { أفرأيتم } هؤلاء إذا أراد الله أمراً بهم قدرتم على نقضه؟ وحذف الجواب عن هذا، لأنه من البين أنه لا يجيب أحد إلا بأنه لا قدرة بالأصنام على شيء من ذلك.

وقرأ: " إن أرادنيَ " بياء مفتوحة جمهور القراء والناس. وقرأ الأعمش: { أرادني الله } بحذف الياء في الوصل، وروى خارجة " إن أراد " بغير ياء.

وقرأ جمهور القراء والأعرج وأبو جعفر والأعمش وعيسى وابن وثاب: " كاشفاتُ ضرِّه " بالإضافة. وقرأ أبو عمرو وأبو بكر عن عاصم: " كاشفاتٌ ضرَّه " بالتنوين والنصب في الراء، وهي قراءة شيبة والحسن وعيسى بخلاف عنه وعمرو بن عبيد، وهذا هو الوجه فيما لم يقع بعد، وكذلك الخلاف في: { ممسكات رحمته }.

ثم أمره تعالى بأن يصدع بالاتكال على الله، وأنه حسبه من كل شيء ومن كل ناصر، ثم أمره بتوعدهم في قوله: { اعملوا على مكانتكم إني عامل } ما رأيتموه متمكناً لكم على حالتكم التي استقر رأيكم عليها.

وقرأ الجمهور: " مكانتكم " بالإفراد. وقرأ " مكاناتكم " بالجمع: الحسن وعاصم.

وقوله: { اعملوا } لفظ بمعنى الوعيد. و " العذاب المخزي ": هو عذاب الدنيا يوم بدر وغيره.

و " العذاب المقيم ": هو عذاب الآخرة، أعاذنا الله تعالى منه برحمته.