الرئيسية - التفاسير


* تفسير المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/ ابن عطية (ت 546 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّهُمْ كَانُوۤاْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ ٱللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ } * { وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوۤاْ آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ } * { بَلْ جَآءَ بِٱلْحَقِّ وَصَدَّقَ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { إِنَّكُمْ لَذَآئِقُو ٱلْعَذَابِ ٱلأَلِيمِ } * { وَمَا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } * { إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ }

هؤلاء أهل الجرم الذين جهلوا الله تعالى، وعظموا أصناماً وأوثاناً فـ { إذا قيل لهم لا إله إلا الله } وهي كلمة الحق والعروة الوثقى أصابهم كبر وعظم عليهم أن يتركوا أصنامهم وأصنام آبائهم، ونحو هذا كان فعل أبي طالب حين قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " أي عم قل لا إله إلا الله كلمة أشهد لك بها عند الله " ، فقال أبو جهل: أترغب عن ملة عبد المطلب، فقال آخر ما قال: أنا على ملة عبد المطلب، وبعرض قول { لا إله إلا الله } جرت السنة في تلقين الموتى المحتضرين ليخالفوا الكفرة ويخضعوا لها، وأما الطائفة التي قالت { أئنا لتاركو الهتنا لشاعر مجنون } فهي من قريش، وإشارتهم بالشاعر المجنون هي إلى محمد صلى الله عليه وسلم فرد الله تعالى عليهم أي ليس الأمر كما قالوا من أنه شاعر { بل جاء بالحق } من عند الله وصدق الرسل المتقدمة له كموسى وعيسى وإبراهيم وغيرهم عليهم الصلاة والسلام، ثم أخبر تعالى مخاطباً لهم ويجوز أن يكون التأويل قل لهم يا محمد { إنكم لذائقو العذاب الأليم } وقرأ قوم " لذائقو العذابَ " نصباً ووجهها أنه أراد لذائقون فحذف النون تخفيفاً وهي قراءة قد لحنت، وقرأ أبو السمال " لذائقٌ " بالتنوين " العذابَ " نصباً، و { الأليم } المؤلم، ثم أعلمهم أن ذلك جزاء لهم بأعمالهم واكتسابهم، ثم استثنى عباد الله استثناء منقطعاً وهم المؤمنون الذين أخلصهم الله تعالى لنفسه، وقرأ الجمهور " المخلَصين " بفتح اللام، وقرأ الحسن وقتادة وأبو رجاء وأبو عمرو بكسر اللام، وقد رويت هذه التي في الصافات عن الحسن بفتح اللام.