هذه مراجعة من الأتباع للرؤساء حين قالوا لهم: إنما كفرتم ببصائر أنفسكم قال المستضعفون بل كفرنا بمكركم بنا بالليل والنهار " وأضاف المكر إلى الليل والنهار من حيث هو فيهما " ولتدل هذه الإضافة على الدؤوب والدوام، وهذه الإضافة كما قالوا " ليل نائم ونهار صائم " ، وأنشد سيبويه " فنام ليلي وتجلى همي " ، وهذه قراءة الجمهور، وقرأ قتادة بن دعامة " بل مكرٌ الليلَ والنهارَ " بتنوين " مكرٌ " ونصب " الليلَ والنهارَ " على الظرف، وقرأ سعيد بن جبير " بل مكَرّ " بفتح الكاف وشد الراء من كر يكر وبالإضافة إلى " الليل والنهار " وذكر عن يحيى بن يعمر وكأن معنى هذه الآية الإحالة على طول الأمل والاغترار بالأيام مع أمر هؤلاء الرؤساء بالكفر بالله، و " الند " المثيل والشبيه، والضمير في قوله { أسروا } عام جميع ما تقدم ذكره من المستضعفين والمستكبرين، { أسروا } معناه اعتقدوها في نفوسهم، ومعتقدات النفس كلها سر لا يعقل غير ذلك، وإنما يظهر ما يصدر عنها من كلام أو قرينة، وقال بعض الناس { أسروا } معناه أظهروا وهي من الأضداد. قال الفقيه الإمام القاضي: وهذا كلام من لم يعتبر المعنى أما نفس الندامة فلا تكون إلا مستسرة ضرورة، وأما الظاهر عنها فغيرها ولم يثبت قط في لغة أن أسر من الأضداد، وقوله تعالى: { لما رأوا العذاب } أي وافوه وتيقنوا حصولهم فيه وباقي الآية بين.